«فريج الخير» تعبير حقيقي عن الكويت التي سلمنا إياها جيل الرواد، والتي يحن إليها الشاعر البناي، ويملأ النحيب معاني كلماته على أطلال ماضيها، التي يبحث عنها «البناي الشرقاوي»، ويفتش عن روحها ونكهتها في نفوس من تبقى من ذلك الجيل لعلهم يسترجعونها ليبثوها للمعاصرين من أبناء بلدهم.

Ad

«ربينا في فريج الخير...

وكنا أحلى ما كنا...

أهل نخوة...

وأهل غيرة...

حضر ولّا بدو كنا...

قبل لا نختلف في راي...

نحط الكويت أولنا».

هذه كلمات الشاعر المبدع عبداللطيف البناي في رائعته الجديدة «فريج الخير» التي عرضت أخيراً من تلفزيون الكويت مع الكوكبة الرائعة التي صاغتها وأدتها، ورعاها وزير الإعلام الشيخ صباح الخالد الذي يشهد عهدهُ محاولات جادة لعودة إبداعات الزمن الجميل الذي مضى.

خشبة مسرح المرحوم حمد الرومي أحد رواد وصنّاع ذلك الزمان، وقف عليها عمالقته من المطربين والممثلين ليبدعوا حنين البناي في أوبريته لكويت الماضي، فأشجانا صاحب الصوت الجريح عبدالكريم عبدالقادر، وأبكانا وملأتنا الحسرة على السنوات التي اعتزل فيها صوت حسين جاسم الحنون «عبدالوهاب الخليج» وهو يردد:

«رجعت بعمري الباقي

لهذا الشارع المنسي

أدور باقي من باقي

وأدور ذكرى من أمسي».

وشممنا رائحة نسمة «السِّيف» بصوت سليمان العماري الأصيل في السامري والعرضة والمروبع والطنبورة، وعشنا على مدى ساعتين أصالة وهوية الكويت الحقيقية قبل أن تُزيّف، وتسرق من بين أيدينا.

وعشنا فنون أهل الكويت الخلّاقة والجميلة مع بقية فريق العمل العميد إبراهيم الصلال وجاسم النبهان ومحمد حسن وفطومة وطارق سليمان وزايد الزايد وفرقة التلفزيون، وبقية «الكاست» الرائع.

«فريج الخير» تعبير حقيقي عن الكويت التي سلمنا إياها جيل الرواد، والتي يحن إليها الشاعر البناي، ويملأ النحيب معاني كلماته على أطلال ماضيها، التي يبحث عنها «البناي الشرقاوي» في ذاك الشارع المنسي في «الميدان» و«فريج بن شملان» و«فريج بن عاقول» إلخ، ويفتش عن روحها ونكهتها في نفوس من تبقى من ذلك الجيل لعلهم يسترجعونها ليبثوها للمعاصرين من أبناء بلدهم، ومن جاؤوا إليها، البناي كذلك، وهو يتدفق بأحاسيسه عبر كلماته، أعطى معاني المودع الذي يوصي أبنائه وأهل عشيرته، وأنا أقول لهُ إن إنساناً أصيلاً ومبدعاً مثلك سيحفظه الله بمشيئته لعمرِ مديد، بفضل دعوات أهل الكويت والمحبين ممن أسعدتموهم وحركتم شجونهم... فلله دركم يا البناي وحسين جاسم وعبدالقادر، فلقد أبكيتمونا... وأحييتم حنيننا... وشحذتم هممنا، لنعيد هوية وريادة «كويت الخير».

***

في حفلة ليالي فبراير المخصصة للفن الشعبي مساء الثلاثاء الماضي لم يتمكن الفنان الأصيل سليمان العماري من تلبية رغبات الجمهور بأداء بعض الأصوات التي ألح الحضور على سماعها، ويبدع في أدائها مثل «الله يا عالم المستور» و«مر بي وأحترش» بسبب خشيته من رقباء محاكم التفتيش الجدد... واعتذر لهم عدة مرات... علماً أنهما من أكثر الأصوات طلباً في محال الكاسيت، ومشاهدةً على الإنترنت من أبناء الجيل الحالي والمخضرمين... ما عليه يا شباب فإن الإبداع الأدبي والشعري والفني الذي تغنى به أجدادكم حرّمه سدنة الإسلام الجدد... فاستغفروا لأسلافكم!! الذين ولى زمانهم الجميل، ورحمهم قدرهم من العيش في زمان الصحوة ونكساته المتتالية على الوطن وأبنائه.