معجزة أكبر من السنين


نشر في 23-05-2009
آخر تحديث 23-05-2009 | 00:00
 لمى فريد العثمان «احضنوا الأيام لـ تجري من إيدينا»... هكذا كان الشعور (الذي تغنت به وردة) في لحظات الانتصار غير المسبوق ليس فقط بدخول المرأة للبرلمان لأول مرة في تاريخ الكويت فحسب، بل بفوز أربع نساء دفعة واحدة... في تلك اللحظات استرجعت شريط رحلة النضال التي خاضتها النساء منذ السبعينيات ومحاربة القوى المتشددة لهن بكل الوسائل... «ولو الأيام بتتكلم كانت قالت (عملوا) إيه»... فتذكرت في تلك اللحظة مشهد التصفيق المرعد لقوى الظلام حين أعلن سقوط قانون إعطاء المرأة حقوقها السياسية، واستحضرت ما قاله قبل سنوات أحد أعضاء حزب متطرف «إن مرسوم إعطاء المرأة حقوقها السياسية لن يمر إلا على الجثث!»... وما صرح به نائب سلفي ووزير حالي في 2007 بأن «المرأة لن تصل إلى البرلمان ولو بعد 50 سنة لاقتناع الناس بهذا الأمر»!..، والحملة الشرسة التي شنها هؤلاء من تلفيق وتشويه وفتاوى معلبة تحرِّم ترشيح المرأة والتصويت لها... لم يكن هذا الشريط الوحيد الذي مر في مخيلتي في هذه اللحظة... بل تذكرت ذلك الشعور بعد نتائج انتخابات 2008... حالة من الإحباط واليأس حين اكتسح التيار الأصولي المجلس وسعى من خلاله إلى فرض نموذجه الظلامي «القروسطي».. حالة كنا نردد بها «أنا عايزة معجزة... تنجدني من الحنين... أنا عايزة معجزة أكبر من السنين... أقوى مني ومنك والعالم أجمعين».

وها هي المعجزة تتحقق... هاهو الحلم يتحقق... ولولا الملامة يا وردة «لولا الملامة... لافرد جناحي على الهوى زي اليمامة... وأطير وأرفرف في الفضا»... فها هو الشعب يقول كلمته الحاسمة في اختياره للتيار المدني المتمثل في كل فئات المجتمع... حين استيقظ من سباته... وهرول مسرع الخطى نحو طريق التغيير... وها هو السُنّي يصوِّت للشيعي والشيعي يصوِّت للسُنّي... حين استنهض ثقته بنفسه وبقدرته أن يقلب الأحوال رأساً على عقب وبشجاعته في التخلي عن الخوف وإرادته في إسقاط قوى الاستبداد والتسلط... هاهو يختار المرأة والانسان والوطن... يختار العمل لا الشعارات الزائفة... الانفتاح والتقدم لا الانغلاق والتشدد.. يختار الفرح والسعادة لا البؤس والكدر.. يختار المستقبل لا الماضي.

هاهو يرفض الانحطاط والجهل والظلام الذي يهدد بقاء الشعوب.. يرفض فرض الوصاية والانغلاق ومصادرة الإرادة وأساليب التخويف والترهيب... هاهو الصوت الواعي يأتي كالصاعقة والضربة القاضية للتيارات الظلامية في قراره بالتغيير... وحين ضاقت به الدنيا بما رحبت، عاد ليدب في أوصاله الإصرار والعزيمة لمجابهة كل من يحاول خنق إرادة الشعوب ومبادرات الحياة... هاهو يأتي، في لحظة صدق مع النفس، بالمجددين لأنه يؤمن بأن التغيير هو ديدن الحياة والتجديد سمة الشعوب المتقدمة... ها هو يستنهض بزوغ الفجر... ويحجب الثقة عن الخطاب الماضوي الانعزالي المتعصب المحرِّض على الإقصاء والإلغاء والكراهية.. ولسان حاله يقول «يا عيون عطشانه سهر... يا قلوب تعبانة سفر... كتروا من الحب تلاقوا في الظلمة ألف قمر». هل هي الصحوة؟ هل هي النهضة؟ هذا ما ستبينه الأيام... فلنردد اليوم مع وردة «الورد ومغطينا... الشمس وطالعه لينا... من فرح الدنيا لينا.. من شهدها بتسقينا... وأهو بكره مستنينا... ناسية هنا أيام كانت قاسية... خليك يا جرح بعيد ده هوانا لسه جديد ... لسة في أول عيد... وسافري يا أحزان مالكيش ما بينا مكان... ساكن قلوبنا أمان». 

back to top