إن مشكلة السيولة سهلة الحل، والمودعون لن يخسروا، فأين المشكلة يا ترى؟ ولماذا التسابق على استنزاف المال العام؟ ومن هو المستفيد من ذلك؟ ولماذا تقوم الحكومة بمكافأة المغامرين أو المتلاعبين بأموال المساهمين بدلا من إحالتهم إلى المحاكمة؟

Ad

كثر الحديث هذه الأيام عن الأزمة المالية التي تواجه القطاع المصرفي وقطاع الاستثمار نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، وتعالت الأصوات المطالبة باستخدام المال العام «لإنقاذ» البنوك والشركات الاستثمارية، ورغم أن القليل جدا من هذه المطالبات صحيح فإن هناك شكوكا كبيرة تحوم حول الكثير من «نداءات الاستغاثة» الصادرة من أصحاب المصلحة الخاصة، التي كان لها تأثير قوي انعكس على مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة بشأن الاستقرار المالي في الدولة، حيث أتى مشروع القانون في أجزاء كثيرة منه بمواد عامة تكافئ من غامر وتجاوز القوانين المتعارف عليها أو من تلاعب بأموال المساهمين والمودعين ولم يحسن إدارتها.

ومن ضمن المبررات التي يستخدمها المطالبون بضرورة وسرعة هدر المال العام «الاحتياط العام للدولة وصندوق الأجيال القادمة» أن هناك ضعفاً في الملاءة ونقصاً في السيولة لدى البنوك والشركات الاستثمارية ككل، فهل هذا صحيح؟ دعونا نترك الإجابة عن هذا السؤال لأحد الشخصيات المتخصصة الذين يعنيهم الأمر مباشرة، فماذا يقول؟

«إن مشكلة السيولة لدى الشركات التي استحقت قروضها سهلة الحل. حتى أن بعض الشركات الممتنعة عن الدفع تملك الكثير من الأصول لكنها لا ترغب في بيعها وتماطل «لعل وعسى» ذلك أنه وفي أزمة المناخ من دفع وسدد مستحقات عليه «عض أصابعه ندما»، وقتها من لم يسدد استفاد من برنامج المديونية ومن مساعدة الدولة والحكومة».

هذا هو ما كشف عنه الأستاذ منصور الخزام رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة خزائن للمشاريع المالية أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقدته مجموعة من شركات القطاع الخاص الأسبوع الماضي تحت شعار «تعزيز الثقة في الاقتصاد الكويتي».

ليس هذا فحسب، بل إن الأستاذ الخزام كان صادقاً وصريحا عندما ذكّر الجميع بقانون ضمان ودائع البنوك مؤكدا، ومعه كل الحق، أنه «مهما كانت الإدارة سيئة فلن يخسر المودعون، ربما ستقل عوائد المساهمين في هذه البنوك لكن لن يخسروا».

إذن، وكما قال الأستاذ الخزام، فإن مشكلة السيولة سهلة الحل، والمودعون لن يخسروا، فأين المشكلة يا ترى؟ ولماذا التسابق على استنزاف المال العام؟ ومن هو المستفيد من ذلك؟ ولماذا تقوم الحكومة بمكافأة المغامرين أو المتلاعبين بأموال المساهمين بدلا من إحالتهم إلى المحاكمة؟

لقد سبق للحكومة أن ضمنت الودائع التي كان من المفروض أن تحافظ البنوك عليها من الأساس ولا تضارب بها، وهذا الضمان الحكومي الذي استخدم فيه المال العام يعتبر دعماً لهذه البنوك أكثر منه دعما لأصحاب الودائع، فماذا تريد البنوك أكثر من ذلك؟

إذا كانت الدولة ترى ضرورة المحافظة على وجود بعض البنوك التجارية والشركات الاستثمارية من أجل دعم الاستقرار المالي في الدولة، وإذا كان ذلك لن يتحقق إلا باستخدام المال العام، فلماذا لا تقوم الحكومة بشراء هذه المؤسسات وإدارتها إما مباشرة وإما بمشاركة القطاع الخاص بدلا من استخدام المال العام لتنفيع مجموعة صغيرة من أصحاب الملايين؟!