لا أحبذ الدخول في سجالات «كتابية» مع أي زميل قد أختلف معه في وجهات النظر حول قضية ما، فكثيراً ما أتعرض لنقد من هذا الزميل أو ذاك، تلميحاً أو تصريحا، لكنني أفضل عدم الرد حتى لا أشغل وقت القارئ، خصوصا إذا ما كان الانتقاد شخصيا وليس سياسيا أو فكريا، لكن عندما يأتي النقد من شخصية سياسية بحجم ومكانة النائب السابق مبارك الدويلة فإن الأمر يختلف.

Ad

«أبو معاذ» كتب مقالاً يوم الأحد الماضي ينتقدني فيه بعدم الحيادية والمهنية، في التقرير الذي نقلته على قناة «العربية» عن حفلة الفنان تامر حسني وما صاحبها من أحداث، حيث ادعى أنني اتهمت نواب الأمة بالانشغال بهذه الحفلة فيما البلاد تمر بأزمات سياسية واقتصادية تبحث عن حلول.

حقيقة لا أدري ما هو مفهوم المهنية لدى الأخ مبارك، فإذا كانت قضية المصفاة الرابعة والتلويح باستجواب رئيس الوزراء وكذلك وزراء التربية والتجارة والمالية، وقضية الطعون الانتخابية، وكارثة البورصة التي بددت مدخرات المواطن البسيط، ليست أزمات، وأن الأزمات في نظر الدويلة هي تجاوزات الحفلة وما يعرض في «اليوتيوب» فهذي مشكلته وليست مشكلتي، وإذا كان منح الفرصة لوزير الإعلام «كجهة مسؤولة عن التنظيم» والنائب عبداللطيف العميري «تيار ديني» وصالح الملا «تيار مدني» بالمشاركة والحديث في التقرير وإبداء وجهة نظرهم، وهم من الأطراف الذين لهم علاقة بشكل أو بآخر بالحدث من الجانب السياسي، أضف إلى ذلك منحي الفرصة لعضو الحركة السلفية فهيد الهيلم للتعقيب على الموضوع ولمدة عشر دقائق على الهواء مباشرة، لا تمثل حيادية، فإنني هنا أترك الحكم للمختصين من رجال الإعلام.

لا أريد أن أقف كثيرا عند جزئية النقد لأدائي كمراسل، فهو متاح للجميع، وصدري يتسع لنقد كل ناقد، خصوصا ممن هم بحجم الأخ «أبو معاذ»، فأنا أبحث عن عيوبي، وأشكر من أهداها لي، لكن ما يجب التركيز عليه في مقال الدويلة، هو اتهامه لي بأنني ليبرالي «أعترض على تطبيق القوانين غير المتفقة مع هواي الشخصي» حسب ما ذكر في مقاله.

هنا أقول إن الليبرالية ليست سُبة حتى أُنعت بها، والليبراليون لهم سلبياتهم ولهم إيجابياتهم حالهم كحال التيارات الدينية، لا الإسلامية، وهو الوصف الأدق، لأننا جميعا مسلمون، فلا يجوز منحهم التفرد بصفة الإسلام، وكأن ما عداهم كافر، وإذا كان مقياس التدين عند الدويلة هو «اللحية» كي يصنفني ليبراليا، فإن حاخامات اليهود وقساوسة المسيحيين لهم من اللحى ما هو أطول مما لدى «الإخوان المسلمين» مجتمعين!

يبدو أن انشغال «أبومعاذ» بالقضايا السياسية و«الاقتصادية» لم يترك لديه وقتا لقراءة مقالات الكثير من الكتاب، وأنا أحدهم، وأن ما يصله على مكتبه منها، هو فقط ما يتم التطرق فيه لـ«حدس»، وإلا لاكتشف من دون عناء أنني أبعد ما أكون عن الليبرالية التي يضعني في خانتها.

أرجع يا نائبنا السابق ويا زميلنا الحالي إلى مقالي «القول المبين... في نكسة الليبرالين» ومقال «ليبراليون ولكن» ومقال «الشرهه.. على التحالف» ومقال «تجنيد الأطفال لإلغاء منع الاختلاط» حتى تعرف هل أنا ليبرالي كما تقول!! نعم أنا أكتب في «الجريدة» المملوكة لمحمد الصقر، التي تمثل خط التيار المدني وتحديدا التحالف الوطني، وأفتخر بذلك بين العامة والخاصة، لكنني لست ممن يؤجر «العقل» أو «القلم»، وسبق أن انتقدت التحالف الوطني في تدوير الحميضي، ومشاركتهم في الحكومة الحالية، وموقفهم من المصفاة الرابعة بمن فيهم النائب محمد الصقر، ولم تشطب لي كلمة واحدة، وهو ما أقدره لـ«الجريدة»، ولكن هل تملك يا أبا معاذ الجرأة على نقد «السلف» و«الإخوان» في المطبوعات التي تكتب فيها؟

عموما... لا تظن من خلال المقالات التي تصل إلى مكتبك أنني ناقم على «حدس» ولكن قد أنتقدها... نعم، وقد أؤنب أعضاءها وقياداتها بحدة... فهذا أمر متاح، وفعلته سابقا مع «الشعبي» وغيره، كون «حدس» في نهاية الأمر حركة سياسية تمارس عملا عاما، لكننا لسنا ممن يفجرون في خصومتهم، بل إنني يا أبا معاذ كغيري نتحرق شوقاً لعودتها إلى سابق عهدها عندما كنت أنت أحد أعضائها وفحولها في قاعة عبدالله السالم، لأن في ضعفها، إضعافاً لكل القوى السياسية الأخرى، وهذا ما لا نتمناه.