لا أعلم ما دار في «اجتماع الأسرة»... أو ما سر رفض الاستجواب؟ إلا أنه حتى إن اقترضنا وجود منطق ما لهذا الرفض يبرر حل المجلس، فلا يوجد ما يبرر تحدي إرادة الشعب وتغيير تقسيمة الدوائر الانتخابية في غياب السلطة التشريعية.

Ad

تكاثرت الشائعات خلال اليومين الماضيين حول «اجتماع الأسرة» والاتفاق على الحل الدستوري في حال الإصرار على استجواب رئيس مجلس الوزراء. والشائعات تستمر لتؤكد «رغبة الأسرة» في إعادة تقسيم الخارطة الانتخابية إلى عشر مناطق بدلاً من الخمس. وهذه حتى لحظة كتابة هذه المقالة شائعات قوية من مصادر متعددة ليس أي منها مصدراً رسمياً أو «موثوقاً». ولكن تاريخنا العريق علمنا أنه لابد من نار تحت كل «بالون اختبار».

وأعتقد أن «الأسرة» أساءت الحكم إن كان في هذه الشائعات شيء من الصحة. فالظروف كانت ومازالت سانحة لتسجل الأسرة موقفاً تاريخياً يحسبه الجميع لها بمن فيهم نحن الشعب المسكين. فلأول مرة منذ زمن بعيد لا يوجد جبهة معارضة سياسية حقيقية بعد أن خسرت أغلب القوى السياسية مصداقيتها وشعبيتها بتخبطها الواضح في التعامل مع الأزمة الاقتصادية. وفي هذا الفراغ فرصة ذهبية لتقدم الحكومة/النظام/الأسرة نفسها البديل المتزن والقادر والذي يهتم فعلا بمستقبل الكويت وأوضاع الشعب.

التصرف المثالي كان تشجيع رئيس مجلس الوزراء على اعتلاء المنصة والاستجابة بهدوء وعقلانية لأسئلة الاستجوابات بغض النظر عن هامشيتها أو سطحيتها. ويضع بذلك المسامير الأخيرة في نعش «البعض» الذي آثر المقامرة واللعب في هذا الوقت الحرج.

الإجراء الحضاري كان أن يصدر تصريح رسمي من الأسرة حول ما تم الاتفاق عليه من باب الشفافية واحترام عقلية المواطن ومن باب درء الشبهات وإغلاق الفرص على المتصيدين. وأن يؤكد التصريح أن الاجتماع لم يكن «مجلس قبيلة» يحدد مصير البلد لاغياً بذلك أجهزة ومؤسسات الدولة. وأن يخرج البيان بتوصيات ونصائح حكيمة تذكِّر الشعب سبب ارتضائهم بالحكم.

ولا أعلم ما دار في ذلك الاجتماع... أو ما سر رفض الاستجواب؟ إلا أنه حتى إن افترضنا وجود منطق ما لهذا الرفض يبرر حل المجلس، فلا يوجد ما يبرر تحدي إرادة الشعب وتغيير تقسيمة الدوائر الانتخابية في غياب السلطة التشريعية.

من غير الحكمة ولا المنطق أن يستفز شعب وصل هذه المرحلة من التوتر والإنهاك على المستويين السياسي والاقتصادي. فالكويتيون مسالمون ومرنون لحد حقوقهم المكتسبة وقد أثبتوا ذلك منذ 1936 إلى «نبيها خمسة». فلم التحرش؟ وما الفائدة المرجوة؟ وما الأسس التي افترضتم على أساسها شعبية هذا التحرك- ناهيك عن جدواه؟ وهل درستم ردود الأفعال المتوقعة؟ هل فعلا تعتقدون أن الوقت مناسب للدخول في مثل هذا الصراع؟

أعزائي نافذة فرصتكم التاريخية ضيقة وحرجة... نرجوكم من أجلكم ومن أجل أطفالنا ان تحسنوا استغلال الفرصة!