يجدر بالجماعات السياسية الإسلامية، وغيرها بطبيعة الحال، أن تعيد النظر في حساباتها وفي احترامها لنفسها، وقبل ذلك احترامها لجمهور ناخبيها، فلا تحرجهم بأسماء احترقت، وألا تدفع إلا بمَن يستحقون الانتخاب فعلاً، ممن كان أداؤهم مقنعاً مشرفاً خلال الفترات الماضية.

Ad

أعجز عن أن أصدق أن الجماعتين الإسلاميتين الأبرز على الساحة الكويتية، (حدس) والتجمع السلفي، تعجزان عن قراءة المشهد السياسي إلى هذا الحد. أقول هذا وأنا أتابع بكل دهشة قوائم الأسماء التي بدأت في التسلل إلى الصحف باعتبارها القوائم المحتملة لمرشحي هاتين الجماعتين!

لكن، وقبل أن أتحدث عن الاحتراق السياسي والمجتمعي لبعض الأسماء بعينها، فلابد من التوقف عند حقيقة أن الإصرار على تكرار ذات الأسماء مرة بعد مرة للانتخابات النيابية، صار يكشف وبكل وضوح أن امتداد هاتين الجماعتين في الشارع أقل بكثير مما دأبتا على إشاعته، وأن «حدس» والتجمع السلفي، ولنقلها دون مجاملة فصديقك من صدقك لا من صدّقك، تخشيان الدفع بأسماء جديدة للمواجهة الانتخابية لثقتهما بأن الاعتماد الأساسي، إن لم يكن الأوحد، لا يرتكز على جماهيرية الجماعتين عند الناس، وإنما على العوامل والظروف الشخصية لكل مرشح من مرشحيهما على حدة، وتثبت صحة هذا القول حين نشاهد كيف لا تتردد أي من الجماعتين في الاعتماد على أسماء تفرزها الانتخابات الفرعية المجرَّمة قانوناً والمشبوهة شرعاً!

واليوم، يبدو أن هاتين الجماعتين لا تزالان واقعتين في أسر الخوف من مواجهة الناخبين بأسماء جديدة قد تؤدي بفشلها إلى انكشاف حقيقة حجم انتشارهما المجتمعي، لذلك تتمسكان بخيار الزج بالأسماء المعتادة بالرغم من الاحتراق حتى التفحم لكثير منها، مع المراهنة على ضعف ذاكرة الناخبين الذين قد يصوتون لهم مرة أخرى!

مزعج، ومحرج للقواعد الإسلامية أيضاً، إصرار «حدس» مثلا على ترشيح النائبين السابقين جمال الكندري ودعيج الشمري، بالرغم من أن الأول حينما كان نائباً، انشغل عن تمثيل الأمة، والذي هو دوره الأساسي كعضو في مجلس الأمة، كما يقول الدستور، بتنمية أعماله التجارية، واستغرق فيها حتى ما عاد له صوت مؤثر تحت قبة البرلمان، والثاني فشل حتى في إقناع الجماهير بأنه يستحق أن يكون نائباً أصلاً، بل كان النائب المفضل عند الكتاب الصحافيين الذين كان يحلو لهم التندر والكتابة عن طرائف أدائه طوال الوقت!

ومزعج ومحرج لنا كذلك في الناحية الأخرى إصرار السلف على ترشيح النائبين السابقين خالد السلطان ود. فهد الخنة، في حين أن الأول قد تلطخت صورته السياسية بشكل سافر بعد قصة الشركة التي يملك فيها حصة مؤثرة والتي قيل إنها تبيع الخمور ولحم الخنزير، والثاني بعدما تعاورته وجرَّحته الأقلام والألسن مرات عديدة على هامش شركة الوسيلة التي يملكها، وما اتهمت به من تجاوزات، وأنا وحين أذكر هذا فلست أقر بصحة الاتهامات على أي منهما، بل حسبي أن أقول إن مثل هذه الاتهامات، خصوصا بعدما وصلت من الانتشار الى عنان السماء، كفيلة بأن تجعل أي شخص يمتلك شيئاً من الحصافة السياسية أن يمتنع عن الدفع بهذين الاسمين إلى الساحة الانتخابية مجدداً.

باختصار أقول إنه يجدر بالجماعات السياسية الإسلامية، وغيرها بطبيعة الحال، أن تعيد النظر في حساباتها وفي احترامها لنفسها، وقبل ذلك احترامها لجمهور ناخبيها، فلا تحرجهم بهذه الأسماء ومن هم مثلها، وألا تدفع إلا بمَن يستحقون الانتخاب فعلا، ممن كان أداؤهم مقنعاً مشرفاً خلال الفترات الماضية، وأن تبتعد عن تلك التي عَلُقت بها الشبهات، وتلك التي انجرفت وراء مصالحها الشخصية ونسيت دورها النيابي، وتلك التي كانت بلا قيمة تذكر وكان وجودها كعدمه، هذا إن كانت تريد استعادة احترام الناس لها فعلا!