مؤتمر وطني للإنقاذ!

نشر في 24-04-2009
آخر تحديث 24-04-2009 | 00:00
 د. حسن عبدالله جوهر الحاجة إلى عقد مؤتمر وطني لإنقاذ الكويت أصبحت ضرورة قصوى، لأن البلد في حالة غرق على أكثر من مستوى، وفعلاً ضاعت البوصلة على اتجاهات عدة متعارضة ومتناقضة، فالحكومة صارت أسيرة التردد والتخبط في القرارات وفاقدة لزمام المبادرة وتعتمد فقط على ردود الأفعال اليومية التي تستنزف جهدها وتفكيرها وبرنامج عملها، والقوى السياسية أصبحت أسيرة الخلافات فيما بينها وكل منها تخشى الأخرى في لعبة الكراسي، والتيارات الشعبية أصبحت أسيرة الاصطفاف القبلي والمذهبي والطبقي والمناطقي، وأجواء الانتخابات فرضت صراعاً تنافسياً شرساً بين الجميع لدرجة أن الأجندة الانتخابية صارت لدى البعض مجرد أوهام وتضليل للناخبين.

وما يعزز المخاوف أكثر وأكثر أن من بين الأهداف الأساسية في الانتخابات الجارية تعزيز الرصيد القبلي والطائفي والمناطقي استعداداً للمواجهة القادمة داخل مجلس الأمة المقبل، ومن المؤكد أن يكون أداء البرلمان موجهاً بهذه النفسية ومنطلقاً من هكذا دوافع، ويعلم الله ما ستكون عليه تركيبة الحكومة القادمة وقدرتها على بعث الأمل والطموح في نفوس المواطنين.

لذلك، فإن المؤتمر الوطني الذي تداعت إلى تبني فكرته مجموعة من الشخصيات الوطنية ورجال الفكر والسياسة ورموز القوى السياسية في نهاية عقد التسعينيات على خلفية أزمة الحكم آنذاك، والذي تم التخلي عنه لأسباب غير مقنعة، أصبح انعقاده مسؤولية تاريخية وفي وقت حساس، على أن يتغير العنوان إلى أزمة بلد أو أزمة كيان ووجود.

ومثل هذا اللقاء لا يمكن أن يتم إلا برعاية واحتضان من صاحب السمو الأمير الذي شخَّص في خطاب حل مجلس الأمة الكثير من المشاكل ولمس بشكل مباشر جراح الألم، لذا يتبقى بحث أسباب مثل هذه المشاكل وجذورها واقتراح سبل علاجها بروح جماعية وشعور حقيقي بأن الكويت بلد الجميع ويجب أن تستوعب الكل وأن محاولات إلغاء أو تهميش الآخرين ليس لها أي محل من الإعراب في مفاهيم بناء الدولة وخلق المواطنة الحقة.

لذا، فإن مؤتمرا من هذا النوع ينبغي أن يشمل الليبرالي والسلفي والشيعي والسني والحضر والبدو والمتطرف والمعتدل، حتى لو بدأ مثل هذا اللقاء بالصراخ والارتباط من جراء ما تحمل القلوب من رواسب عنيفة، وحتى لو لم يستسغ البعض حتى السلام والنظر إلى وجه الآخرين... لكن مع الوقت فإن هذه الحالة سوف تخفت بالتدريج وتستبدل بالطرح العملي للأفكار والمقترحات والحلول، وفي عالم السياسة تبقى الصفقات الاستراتيجية والمصالح المتبادلة والعيش السلمي هي النتيجة التي يتوخاها الجميع رغم الإحساس أحياناً بأن طرفا ما يتفوق على الآخر بالقوة أو العدد، فما بالك بمجتمع صغير مثل الكويت يعتقد الكل ولو على مضض أن إلغاء الآخر مستحيل وضرب من الخيال ولا بديل حينئذ إلا بالمصارحة والتلاقي وحتى تقديم التنازلات النفسية على الأقل في سبيل أهداف أهم وأسمى يستفيد منها الجميع!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top