مؤسسة الكويت للتقدم العلمي: علامات استفهام كبيرة
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي هي المؤسسة المنوط بها دعم البحث العلمي في الكويت، ولأهمية هذه المؤسسة فإن رئيس مجلس إدارتها هو صاحب السمو الأمير، ومن المعلوم أن ميزانية المؤسسة تأتي بحكم القانون من نسبة 1% من أرباح الشركات المساهمة، ولذا فإن ميزانيتها السنوية تصل إلى مئات الملايين سنوياً، إضافة إلى وجود مدخرات لها تزيد على المليار ونصف المليار دولار أو أكثر. يفترض بمؤسسة مثل التقدم العلمي يرأس مجلس إدارتها الأمير، ولديها ميزانية ضخمة تحسدها عليها مؤسسات الدولة الأخرى، أقول يفترض بهذه المؤسسة أن تكون قدوة لبقية المؤسسات في الدولة، لكن مع الأسف الشديد فإنها تعاني أنواعا عديدة من الخلل.لعل أسوأ أنواع الخلل في المؤسسة هو البيروقراطية والمركزية الشديدة، فالأمور صغيرها وكبيرها لابد أن تمر على مدير عام المؤسسة د.علي الشملان، وهو بحكم مسؤولياته وارتباطاته الرسمية كثير السفر، مما يستدعي أن تتعطل جميع المعاملات حتى يعود المدير من السفر، إلا إذا كان الأمر بالغ الأهمية، حينها ترسل له المعاملات بالبريد السريع إلى مكان سفره، وكل ذلك لعدم وجود نواب للمدير العام... أليس في مؤسسة بحجم مؤسسة التقدم العلمي شخص يستطيع تسيير الأمور أثناء سفر المدير العام؟!
هذه المركزية الشديدة تخلق بيروقراطية مقيتة تنعكس بطئاً شديدا في إنجاز المشاريع البحثية التي يتقدم بها الباحثون، ولك أن تتخيل أن بعض المشاريع البحثية يتأخر البتّ فيها أكثر من سنة أو حتى سنتين، وجزء كبير من السبب في ذلك يعود إلى بيروقراطية اتخاذ القرار في المؤسسة ومركزيته، أما الجزء الآخر من التأخير فيعود إلى عدم وجود قواعد بيانات كفؤة للمحكّمين الذين يقومون بتقييم المشاريع البحثية. إدارة البحوث والمشاريع تُعدّ أهم إدارات المؤسسة، لكن الغريب أنه وبرغم أهميتها الكبيرة فإن مديرها غير متفرغ للعمل بالإدارة، فهو منتدب من جهة أخرى خارج الكويت، وهو لا يحضر للمؤسسة إلا مرة واحدة في الشهر، وطريق الاتصال الرسمي به خلال الشهر هو المراسلات البريدية. ألا تستحق إدارة بهذه الأهمية مديراً متفرغاً؟! ألا توجد كفاءة كويتية أخرى لديها الوقت الكافي والقدرة على تسيير عمل إدارة البحوث لتستلم هذه الإدارة؟!الحال في البطء الشديد والبيروقراطية تنسحب على إدارة الثقافة العلمية المعنية بتشجيع المؤلفات، حيث تصل فترة انتظار المؤلفين لفترة تقترب من السنة حتى يعرفوا القرار المتخذ بحق مؤلفاتهم، لهذه الأسباب كلها يوجد تذمر واسع بين الباحثين الكويتيين من بيروقراطية المؤسسة وبطء إجراءاتها.صحيح أن مؤسسة التقدم العلمي مولت العديد من المشاريع الحيوية، إلا أن ما تملكه المؤسسة من إمكانات مالية ضخمة أكبر بكثير من ذلك، وهي قادرة على تمويل عشرات المشاريع الحيوية للبلد سنوياً، في حين أن الواقع يقول غير ذلك. المؤسسة بوضعها وهيكلها الحالي مؤسسة «مغلقة» لا يعرف خباياها أحد، وهي تعاني خللا وقصورا في مواطن عديدة، وقراراتها يتدخل فيها العديد من الاعتبارات الاجتماعية والشخصية، ومن مظاهر الخلل الواضحة في المؤسسة أنها تحولت إلى مؤسسة ربحية بدلاً من أن تكون مؤسسة لدعم البحث العلمي بحسب مرسوم إنشائها، وذلك من خلال ربط نوعية الدعم المقدم للشركات المساهمة بمقدار حصة الأرباح التي تدفعها للمؤسسة، وهذا الأمر يهدم فلسفة وهدف إنشائها.حسب علمنا أن هناك استراتيجية جديدة للمؤسسة تم اعتمادها قبل أيام يفترض أن تعالج جوانب عديدة من الخلل الحاصل، ولكنها لم تطبق أو تُفعّل حتى الآن. نكتفي بذكر هذا القدر من المعلومات في الوقت الحالي، عسى أن نجد إجابات مقنعة من القائمين على المؤسسة على علامات الاستفهام المطروحة.