Ad

أصدرت استبرق أحمد مجموعتها القصصية الأولى «عتمة ضوء» عام 2004، فحظيت بإشادة الصحافة الأدبية والنقاد، لكنها توقفت عن النشر لمدة تزيد على أربع سنوات، وهي تُعلل ذلك بأنها كانت مفرطة الحساسية تجاه بعض الأمور، منها عائق التشكيك بنقاء أجواء المشهد الثقافي.

ترفض استبرق الانحياز إلى الرواية على اعتبار أنها أكثر تعبيراً عن العصر واستقطاباً للجمهور من القصة، وكذلك ترفض المقارنات التي تفضّل سرداً على آخر، مشيرة إلى أنها بصدد الإعداد لمجموعة قصصية جديدة.

تحدث نقاد كثيرون عن تناقض المفردتين «عتمة الضوء»، كيف اخترت عنوان مجموعتك القصصية هذا؟

العناوين لها سحرها وقدراتها، هي نصف النص وعتبة تسلط الضوء عليه وتختزله. تأنّيت في اختيار عنوان مجموعتي القصصية، لأنني لست ممن يحسنون اختيار العناوين ولا أجد حرجاً في السؤال حول المناسب منها، بالتالي بحثت واستمعت وسألت، مترصّدة انتقاء ما يمكن أن يضيف الى المجموعة ويحتويها، ويجذب ولا يفصح عن الخبايا في آن.

كنت اخترت عنواناً مؤلفاً من ثلاث كلمات، لكن الشاعر حسني التهامي اقترح إلغاء كلمة منه، فجاء يحمل تضاداً يقدح شرارة فضول القارىء.

بعض قصص المجموعة يسلط الضوء على قضية الطبقية الاجتماعية، هل ترين أنها ظاهرة منتشرة في الكويت إلى هذا الحد؟

كل مجتمع يحمل أسراره الخاصة. لم أتناول الموضوع الطبقي بكثافة في المجموعة، أطللت، ربما، على زاوية تُشرِف عليه من دون إيغال. نحن الكتّاب ملزمون بالتحدث عن العالم ومحاولة تشييد عوالمنا، فثمة أمور مطمورة ومتحركة، عبر الأزمنة والأمكنة كافة، قد تسفر عن وجهها القبيح أو تخفيه، بينما الكاتب يستشعرها ويطرحها، معالجاً المسكوت عنه.

جاء معظم قصص مجموعتك بصيغة ضمير المتكلّم؟

صحيح، والهدف من ذلك أن تتماهى القصص ما بين اختفاء السارد وانبثاقه في الشخصية، وأشير هنا الى أني لم أتقصّد ذلك، فالنص شكّل ضميره الأمثل للبوح، للاقتراب من أقبية الأنا والآخر...

يشعر القارئ بعلاقة تجمع بين «أجسام غريبة» و{براءة» و{تجليات في زمن العتمة»، حدثينا عنها؟

سأنصت وأستمتع لو حدثني القارئ عن اكتشافه، لأنه يملك تراكم قراءات تجيز له تداول نصي في سلّة استنتاجاته وإضافاته، فهو يمرر النص في دوحة التفسيرات والتأويلات فتأتي النتائج بما يليق برؤيته، فلكلينا القدرة على صنع نص لأننا نملك وسائله ومراتبه ومرتقاه. وبالعودة إلى النصوص المذكورة أجد عاملاً جامعاً وحيداً لها وهو أنها تتناول في شخصياتها صور الطفولة ونزق الحياة.

ألم يحن الوقت بعد لخوض تجربة الكتابة الروائية؟

هل من الضروري أن ينتقل القاص الى مرتبة الراوي؟! القص له لذة وأراضٍ ذات خصوصية، له حيله ومساراته وحضوره. وثمة كتّاب لم يتبللوا بالرواية وربما أشهرهم بورخيس وزكريا تامر. الأهم من هذا وذاك هو «الفكرة» ووضعها ضمن إطار سردي قادر على احتوائها، أي أنني أنتظر الكتابة التي تدفعني الى القصة أو الى الرواية من دون وجود إلحاح لحتمية الانتقال، ومن دون انتقاص من أهمية القص أو النظر إليه على أنه مجرد مرحلة مشروطة للانتقال إلى الرواية باعتبارها الفن الأفضل تعبيراً عن العصر والأكثر استقطاباً للجمهور. صراحة، لا هوس يحدوني الى التقليل من كتابة القصة التي أحب أحجياتها، ولا الى مقارنتها بالرواية، علماً أن ثمة من يرى في بعض نصوصي القصصية إمكان الارتحال الروائي.

كيف تقيّمين الروائيين الشباب في الكويت؟

لا أطيق الدخول في مجال التقييم، والمتفرّج موقع يناسبني تماماً. عموماً، كأي مجال وأي كتابة سردية تظهر تباينات بين من يشتغل على نصه بأدوات ثرية بتراكم المعرفة والخبرة والجديّة، وبين من تجده يجهض سبل اختراق التجديد في نصّه المقبل. ثمة من يقدّم نصه على نفسه من جهة، ومن يقدّم نفسه وحساباته على حساب نتاجه من حهة أخرى، فالكاتب الحقيقي موجود بندرة، لكن نقيضه قائم بكثرة.

يشتكي بعض المبدعين من تخلّف النقد وعدم مواكبته الكتابات الجديدة، كيف تقيّمين الحركة النقدية في الكويت؟

ثمة هوّة في مجال النقد تحتاج لردم متسارع. أجزم بتوافر حراك نقدي خافت في الكويت، لكننا نحتاج إلى جهود تخلو من التملّق والمجانية المجحفة، نحتاج نقاداً محترفين يلاحقون النصوص الإبداعية ويلمسون مواطن الجمال من خلال كتابة حيّة ونابضة بالموضوعية.

حصلت على جائزة ليلى العثمان عام 2005، كيف ترين دور الأفراد والمؤسسات الخاصة في إثراء المشهد الثقافي؟

تقديري الكامل للأستاذة ليلى العثمان ولمبادرتها الفاعلة في تسخير الضوء للنتاجات الشابة.

تأتي هذه الجائزة في سياق الجوائز الفاعلة والمهمة، بالتالي فوزي بها إيجابي جداً ومهم ومحمود. إنها إحدى التحركات والتجمعات التي تسعى صادقة من دون تأسيس لسياسة الشللية أو إدراج لأهداف مصلحيّة الى إعلاء الشأن الثقافي، فقد أتت عبر «منتدى المبدعين في رابطة الأدباء» برعاية الشيخة باسمة الصباح وهو منتدى له خصوصيته، ساهم في ظهور أصوات كتابية عدة وما زال.

راهناً، ثمة منتديات خاصة مهتمة بالقراءة وآخرها «ديوان» الذي ساهم في ظهوره يوسف خليفة ذياب، بالإضافة الى عودة «ملتقى الثلاثاء» الذي يتداول قضايا الساحة. أجزم بأن استمرار هذه المشاريع والتجمعات سيجعلنا نتفيأ جميعنا ظلالها الطيبة.

بعد حصولك على الجائزة لم تطرحي إصداراً جديداً!

قبل الجائزة تعرضت لبعض المشاكل. أعترف بأني كنت مفرطة الحساسية، وبفعل تراكم سواد الأحداث ابتعدت عن بياض الكتابة. بالإضافة الى أن التشكيك بنقاء أجواء المشهد الثقافي أخذني الى تل العزلة السلبيّة. أكتب وأنشر القليل جداً راهناً وأسعى الى كتابة مجموعة قصصية جديدة، أتمنى أن تخبر عن ساعات قلقي بالإيجاب.