مسكين هلا فبراير
الدليل على بؤس المهرجان وحاضريه هو ترديد المذيعين والناس لعبارة «الكويت سباقة...» في محاولة يائسة لإخفاء الأسى وتعويض النقص، وتطمين النفس وخداع العقل والعيش أسرى لأمجاد السبعينيات عندما كانت الكويت فعلاً سباقة والأمور عال العال.من منكم شاهد كرنفال افتتاح مهرجان «هلا فبراير» يوم السبت الماضي؟ ألم تثر المشاهد لديكم شعوراً بالشفقة والحسرة عليه وعلى حضوره؟ للعلم فقط، لقد كانت بداية «هلا فبراير» في عام 1999، أي من المفترض أن يكون احتفال هذا العام استثنائياً بمناسبة مرور عشر سنوات عليه. بذمتكم، هل شاهدتم أي تطور يذكر عما كان عليه قبل عشر سنوات؟ لا بأس لا نريد احتفالاً استثنائياً أو تطوراً، نريد على الأقل أن يحافظ على ما كان، فحتى الحفلات الغنائية تم القضاء عليها.
بينما نرى في كل عام دعايات مهرجان دبي للتسوق وبطولة قطر للتنس في قناة CNN، ظهر لنا «هلا فبراير» خلسة مع إعلانات خجولة في الصحف والتلفزيون، وحتى الفضائيات الكويتية لم تعره أي اهتمام يذكر، وعاد به الأمر إلى تلفزيون الكويت، بأسلوبه ومحتواه ومذيعيه ومواده ومعداته البدائية، وتغطيته بذات الجودة التي كانت عليها قبل عشر سنوات، وربما التغير الوحيد هو زيادة جرعة النفاق لدى الناس في المقابلات، الذين يزفون التبريكات الزائفة لمن هم سبب في تخلف المهرجان. والدليل على بؤس المهرجان وحاضريه هو ترديد المذيعين والناس لعبارة «الكويت سباقة...» في محاولة يائسة لإخفاء الأسى وتعويض النقص، وتطمين النفس وخداع العقل والعيش أسرى لأمجاد السبعينيات عندما كانت الكويت فعلاً سباقة والأمور عال العال... مقابلات وأحاديث زائفة، المذيع «يرفع» والضيف «يكبس» كلها في سبيل حفظ ماء وجه بلد.شاهدت الكرنفال على التلفزيون، لقد كان في خصام تام مع الإبداع والتجديد. في مدينتي التي درست فيها في أميركا «كورفالس»، ذات الخمسين ألف نسمة فقط، تقام كرنفالات أكبر وأبدع كل شهر، وأضحت الدول تجلب فرقاً استعراضية مثل «سيرك دو سوليل» الشهيرة لتنظيم احتفالاتها، بينما لم يستوعب مسؤولو «هلا فبراير» بعد أن طفلاً بعمر عشر سنوات يحصل على كل أنواع الترفيه والتسلية بكبسة زر على الكمبيوتر، ولم يعد يندهش بفتاة تصبغ وجهها وتمشي في شارع سالم المبارك حاملة ثعباناً حول رقبتها، ولم يعد ينبهر بأزياء «ميكي ماوس وباغز باني»، وليتها كانت أزياء أصلية، فلو علمت شركة «والت ديزني» أن دولة الكويت تستغل شخصياتها تجارياً وبأزياء مقلدة لـ«جرجرتها» في المحاكم وربحت تعويضاً تعجز ميزانية «هلا فبراير» بأكمله عن تغطيته.مسكين «هلا فبراير» كم هو بائس، ومساكين العاملون عليه فقد تم خفض سقف الإبداع والتجديد إلى مستوى رؤوسهم.باختصار «هلا فبراير» كالطفل الذي ولد قبل عشر سنوات وتوقف نموه آنذاك، فكل شيء فيه يعبر عن بؤسه، موقع إلكتروني غير مكتمل ومصمم بطريقة html بدائية، وبلد مغلق أمام السياح، وشارع سالم المبارك، وأزياء ميكي ماوس تقليد، ولا حفلات غنائية، ومسؤولون «راحت عليهم» فرصة التصوير مع نانسي عجرم، وكرنفال يتصدره «فكر واربح» وبلال الشامي... يا عيني... دع عنك حديث تشجيع السياحة والمركز المالي والأحلام الكبيرة «هذا حد يوشنا».