في كتابها «عاهرة الجمهورية»، كشفت «كريستين دوفيه - جونكور» عن عالم الصفقات المالية الرهيب... عالم التخطيط والدهاء والصراعات الوحشية، للسيطرة على المشاريع والعمولات والمناقصات الدولية.

Ad

«عاهرة الجمهورية» هو سيرة حياة كريستين دوفيه - جونكور، التي كتبتها باسلوب روائي واقعي - حكت حياتها على شكل مقتطفات من طفولتها ومراهقتها وزواجها الأول من «جان جاك بيرتي»، الذي سيصبح بعد طلاقها وزيراً في حكومة رئيس الوزراء «جوبيه» وستنجب منه ابنها فردريك، ثم بعد ذلك ستتزوج مرة أخرى وترتبط «بكلود جونكور»، الذي كان مديراً للشركة العامة للأشعة، وستنجب منه ابنها فيليب، وستنتقل مع هذا الزوج إلى عالم طموحه اللامحدود، وسيدفعها إلى اقامة علاقات مع كبار المسؤولين والوزراء، ورجال الاعمال، كي ينجز صفقات شركات البترول التي يعمل بها.

ومن هنا شقت طريقها في علاقات على أكبر مستوى مع ملوك البترول والسلاح والمال ورؤساء الجمهوريات، إلى أن قُدمت ككبش فداء بعد افتضاح عمولات صفقة الطرادات المرسلة إلى تايوان.

المهم في هذه السيرة، هو الكشف عن هذه العوالم الغامضة، المرتشية، والمتصارعة حول الصفقات على أعلى مستوى من الدول، الذين هم فوق مستوى الشبهات وفوق كل البشر. ويليه في الأهمية الكشف عن هذه العلاقة العاطفية بين وزير خارجية فرنسا الاسبق «رولان دوما» وأقوى رجل في حكومة الرئيس الفرنسي الراحل «فرانسوا ميتران» الذي وضع تحت تصرفها نفوذه وملّكها قلبه... مما فتح طريق الصفقات والعمولات لمن حولها.

وزير عاشق يذهب إلى آخر المدى في الحب، ترافقه في كل مكان حول العالم، في كل المهمات، في اروقه الامم المتحدة، افريقيا، إيران وحتى الكويت بعد تحريرها بشهرين، حين كانت سماؤها مغطاة بدخان حرائق البترول.

الغريب كيف جاءت في هذا الظرف الصعب والقاسي؟ لو لم تكن هناك مصالح أكبر من كل هذه الظروف.

في النهاية هي علاقة امرأة ورجل في منتهى الحميمية. تعلمت من أجله كل شيء، حتى تلحق بركبه، بثقافته العالية، لأجله تقول اصبحت شرهه للمعرفة، أشعر بالألم أن لم أفعل شيئاً خلال ساعة لأثقف به نفسي، جرفتني حركته، وتركت نفسي مسحورة ومفتونة بهذه الشخصية المتعددة التي لم تكن بحاجة إلى أن تجلجل، ماذا تنتظر أفضل في الحياة من لقاء شخص يعلمك ويقودك وانت في منتصف العمر «وانت ضائع كما دانتي» في غابة مظلمة؟ كل شيء إلى جانب ذلك يبدو لي لا طعم له.

ان تكلم عن عطر ما كنت اشتريه فوراً، وإن حدثني عن اوبرا كنت احفظها غيباً، أو عن رسام كنت اهرع لزيارة المعرض، كنت أدوّن المراجع عن الأعمال الفنية التي يذكرها، كنت اتجاوز نفسي حتى لا يشعر بالملل... لم ارد لهذه العلاقة العاطفية مع رولان دوما أن يفسدها اي شيء، فرميت بكل قواي وطاقاتي الفكرية فيها، كنت ارغب ألا يمل أبداً، حاولت أن افهم أي نوع من النساء يمكنها أن تجذب هذا النوع من الرجال... كل شيء بنفس الوقت... كنت العشيقة والصديقة... الاخت والأم والذاكرة... اجعله يضحك وأحرك شعوره وأقلقه حتى لا يكون واثقاً جداً من نفسه.

أنا امرأة كغيرها... عندما أحب، أرغب أن آخذ، أن أمتلك وأختنق، أنا بحاجة إلى حضور واهتمام متواصل، تعلمت أن أضبط الأمور، وألا أبكي أبداً ولا أعبر عن أي ندم، وتعلمت الانتظار.

تلك كانت مقتطفات من كتابها المهم والكاشف والمعري لعالم لن تعرف ما الذي يدور في كواليسه وغرفه المغلقة، ما لم يكشف عن تلك الأسرار وطلمستها الغامضة، أصحابها بذاتهم... وإلا لن ندرك حقيقتها وخفاياها الواقعية، ما لم تندلع حرب الجبابرة، والمنافع لم تعد مالية، ولا مكان للعقلانية... أنه السباق المحموم للقوة، ولن تكون النهاية الا قاضية، كما قالت عاهرة الجمهورية.