أبو جعفر المنصور... الحدث التاريخي واللقطة الدرامية المُحكمة صُوِّر على غرار الأفلام السينمائية

نشر في 16-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 16-09-2008 | 00:00

استطاع المسلسل التاريخي «أبو جعفر المنصور» أن يجذب المشاهدين له منذ اليوم الأول لعرضه على الشاشات الفضائية العربية، إذ لفت الانتباه من خلال عدة أمور فنية وتاريخية.

يبدأ مسلسل «أبو جعفر المنصور» من مرحلة موت الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك بن مروان، الذي أوصى بالخلافة من بعده إلى عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم، لأنه رأى فيه من القدرة والكفاءة، والتقوى والصلاح، والميل إلى الحق والعدل.

وقد بويع بالخلافة وهو كاره لها، فاجتمع عمر بالناس قائلاً: «أيها الناس إني قد ابتليت بهذا الأمر، على غير رأي مني فيه ولا طلب له... ولا مشورة من المسلمين، وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم خليفة ترضونه». فصاح هذا الجمع: «قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك».

ولم ينس المسلسل جملة عمر الشهيرة عندما بلغ بوصية خلافته: «يا رب إني كنت أميراً فطمعت بالخلافة فنلتها، يا رب إني أطمع بالجنة، اللهم بلغني الجنة».

ويسرد المسلسل جهود عمر بن عبدالعزيز في رد المظالم وإقامة العدل بين الناس حتى تم تلقيبه بخامس الخلفاء الراشدين، وجرد جماعته من البيت الأموي بما كانوا ينعمون به، على حساب بيت مال المسلمين، مما أثارهم عليه واغتاظوا منه.

وفي الجانب الآخر من العمل يولد أبوجعفر المنصور، ونتعرف على ثلاث شخصيات من بني العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي: علي بن عبدالله بن العباس، وابنه محمد بن عبدالله، وعبدالله بن علي بن عباس، وانتقال علي بن عبدالله من الطائف إلى الحميمة التي تقع في الأردن الآن، وذلك تنفيذاً لوصية أبيه عبد الله بن عباس.

يبذل علي بن عبدالله جهوداً كبيرة لارساء دعائم دعوته وهي الخلافة لبني العباس.

ويظهر المسلسل أن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز قد قتل مسموماً على يد أحد أمراء بني أمية، الذين قطع عنهم العطايا وصادر ممتلكاتهم وقدمها لبيت مال المسلمين، إذ دفع للخادم الذي يقدم الطعام لعمر مبلغاً كبيراً من المال نظير دس السم في الأكل، وعندما نفذ مهمته، علم عمر بذلك بعد أن عانى من آلام قوية في معدته، فاستدعى الخادم وأمره بأن يودع المال الذي تقاضاه لتسميمه في بيت المال، وعندما توفي عمر لم يبق في سجنه مسجون واحد.

تولى الخليفة يزيد بن عبدالملك، ثم انتقلت الخلافة بعد موته إلى هشام بن عبدالملك الذي أراد أن يبعد ولاية العهد عن ابن شقيقه الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي يلهو في السهر وسماع الأغاني وشرب الخمر حتى لا يدمر مسيرة الخلافة الأموية، لكن محاولاته لم تنجح إلا بابعاده فقط، وازدادت التشققات داخل البيت الأموي، وبرز ظلم هشام بن عبد الملك وقد استدعى الشهيد زيد بن علي بن الحسين، كما تم حبس محمد بن علي بن العباس، وبيّن العمل مدى تماسك البيت العباسي خلف إمام واحد، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية لقيام الدولة العباسية في ما بعد، عندما تسلم هشام الوليد بن يزيد الخلافة.

في المقابل أصبح محمد بن علي بن العباس إماماً بعد أبيه.

ويتسلم يزيد الثالث بن الوليد بن عبد الملك الخلافة بعد قيامه بانقلاب على ابن عمه الوليد بن يزيد الذي تم قتله في قصره، و تولى الحكم، لكنه توفي بعد ستة أشهر تقريباً، وكان أخوه إبراهيم بن الوليد ولياً لعهده، الذي تولى الحكم لكنه لم يدم طويلاً إذ لم يعترف به مروان بن محمد بن عبدالملك الحكم. وزاد الصراع بين افراد البيت الأموى.

طبعاً البيت العباسي كان منظماً وقبل أن يتوفى محمد بن علي بن العباس أوصى بأن يكون أبومسلم الخرساني أميراً للدعوة في خراسان، كما أوصى لابنه البكر بالإمامة الذي يوصي لشقيقه الأصغر أبوالعباس السفاح، لا لشقيقه أبوجعفر المنصور.

ويتولى مروان بن محمد حكم الدولة الأموية بعد ان تنازل له إبراهيم بن الوليد عن الخلافة.

ويتم قتل الإمام في السجن فيقود الامام أبو العباس السفاح العباسيين، وبمساعدة شقيقه أبوجعفر المنصور تتم السيطرة على الكوفة، ومن ثم المعركة الكبرى ضد آخر الخلفاء الأمويين، وتتلاحق الأحداث عند الحلقات الأخرى المتبقية وتولي الخلافة العباسية أبوالعباس ثم شقيقه أبوجعفر المنصور.

اعتمد مخرج المسلسل التونسي شوقي الماجري على فلاتر لتعديل الألوان وكان لون الكادر المصور يميل إلى اللون الأصفر، وبه بعض الاخضرار ليكون قريباً من التقنية السينمائية اللافتة، وربما التصوير بفورما HDV والحجم 16/9 جعل المسلسل كأنه فيلم سينمائي، إضافة إلى الصورة الرائعة في التنقل من موقع الحدث إلى آخر وتجسيد المعارك، واللقطات المتنوعة من واسعة ومتوسطة وقصيرة.

الممثلون جميعاً كانوا نجوماً واللافت هو الممثل الأردني منذر رياحنة الذي أجاد دور أبو مسلم الخراساني.

لكن تبقى هناك ملاحظات من بينها لماذا لم يبرز المسلسل لقب علي بن عبد الله بن عباس؟ وهو علي السجاد، حيث لقب به لكثرة سجوده.

عموماً المسلسل رائع يستحق المشاهدة والمتابعة ونتمنى أن يتحول إلى فيلم سينمائي مدته ساعتان.

back to top