يجب علينا جميعاً، بل على أعضاء البرلمان على وجه الخصوص أن يدركوا أنه لا خيار أمامهم، إن هم أرادوا تقديم إنجازات حقيقية خلال الفترة القادمة ودفع الأمور إيجابياً إلى الأمام، سوى أن يحسنوا التعامل مع فكرة أن ناصر المحمد هو رئيس الحكومة، شاء من شاء وأبى من أبى!

Ad

لا أعرف بالتحديد ما الذي يصعب فهمه واستيعابه في دلالات ومعاني أن يقوم سمو أمير البلاد بإعادة تكليف سمو الشيخ ناصر المحمد برئاسة الحكومة للمرة السادسة؟ فالرسالة بالنسبة لي، ياسيداتي وسادتي، واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار في أغسطس الكويت!

سمو الأمير قد وضع ثقته بهذا الرجل، ولا يريد أحداً سواه على رأس الحكومة في هذه المرحلة، ولن يضيف شيئاً لهذه المعلومة على الإطلاق أن ندخل أنفسنا في دائرة التفكر في التبريرات، والقفز على أصابع التخمينات، والعزف على أوتار الخيارات الأخرى التي كنا نراها متاحة، بقدر ما أن ننظر إلى الرسالة ومضمونها كحقيقة واقعة لابد أن نتعامل معها.

يجب علينا جميعاً، بل على أعضاء البرلمان على وجه الخصوص أن يفهموا ذلك، وأن يدركوا أنه لا خيار أمامهم، إن هم أرادوا تقديم إنجازات حقيقية خلال الفترة القادمة ودفع الأمور إيجابياً إلى الأمام، سوى أن يحسنوا التعامل مع فكرة أن ناصر المحمد هو رئيس الحكومة، شاء من شاء وأبى من أبى، وأن يقتنعوا بأن الشيخ ناصر المحمد وبالرغم من كل التحفظات على أدائه والإشارات إلى أخطائه، أفضل الخيارات المتاحة، بل يمكن أن يجري على يديه خير كثير.

لغة التصعيد والعنتريات، التي بدأ بها البعض بالفعل، لن تجدي نفعاً، والتلويح باستجواب رئيس الوزراء صار سلاحاً بارداً مثلوما، بل مكروهاً حتى من عامة الناس لأنهم ما وجدوا من ورائه فائدة وما نالوا منه إلا الأزمات والاختناق، بل أراه اليوم قد فقد بريقه السابق، بعدما لوح به الجميع، حتى مَن كانوا حكوميين حتى نخاع عظام آذانهم!

ومن يخطر على باله أن يظن، ولو مجرد ظن، بأنه لا قلق ولا مشكلة، فلن يصيب أوضاعنا أسوأ مما أصابها، فيطرب للعبة خلط الأوراق وإشعال النيران والمفرقعات واختلاق الفوضى علَّها تصبح «خلاقة»، من خلال تحويل كل قضية حتى أصغرها إلى أزمة كبرى على يد بعض النواب، يخطئ كثيراً، فقد علمتنا الأحداث المتلاحقة، وكذلك معرفة شخصية المجتمع الكويتي وعقله، أن الخيارات لاتزال مفتوحة على ما هو أقسى وأشد، وأن تعليق الحياة الديمقراطية والحلول غير الدستورية ليست بعيدة جداً كما قد يتخيل البعض!

هذه ليست دعوة لتقديم التنازلات و»تخضيع» أو تركيع البرلمان، إنما هي دعوة إلى العمل بحكمة وذكاء ومرونة مع وضوح الأهداف، والتحرك لذلك ضمن المساحات المتاحة ورفع السقوف رويداً رويداً، ومن يناطح الصخر لن يكسر إلا رأسه، اللهم إلا إذا كان رأسه فارغاً من خلايا المخ والأعصاب، ومليئاً بـ»الكونكريت» المسلح، وهذا لا يصلح أصلاً لأن يكون نائباً في البرلمان، بل ملاكما أو مصارعا في حلبة!

هذه، وبكل بساطة ووضوح ومباشرة، دعوة لئلا يكون نائب البرلمان كـ»المُنْبَتِّ، لا هو أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى»!