دول الخليج ومراحل الانتعاش السياسي (1-3)
نتساءل أحياناً: هل تسير مشاريع الإصلاح في اتجاهاتها الحقيقية؟ وهل تقاوم محاولات إفراغها من مضامينها؟وما هي العثرات التي تقف في وجه المشروع الإصلاحي في منطقتنا؟أسئلة كثيرة تُطرح، ضمن مراحل عديدة من الالتباس تارة والانتعاش تارة أخرى في المشهد السياسي الخليجي، ولو نظرنا إلى طبيعة التجارب التي تمر بها دول الخليج في ظل مشاريع الإصلاح، وتكييفها في إطار الأوضاع المحلية لوجدنا أن لكل دولة أجندة محلية وخارجية تعكس النبض المحلي، وتؤثر وتتأثر بالأحداث الإقليمية والخارجية، ولا تخلو من أوجه الاختناق السياسي التي يتبعها انفراج... تكتسب من خلاله النظم السياسية مناعة ضد الاهتزاز، ومهارة في إدارة الأزمات، وتخرج من خلالها القوى السياسية بأجندة معدلة طبقا للتغييرات.
لنأخذ التجربة البحرينية مثالا: فالعلاقة بين القوى السياسية والحكومة مرت بمراحل عديدة منذ انطلاق المشروع الإصلاحي، وصدور الدستور المعدل عام 2002، أو مرحلة الانتعاش السياسي، أو «ربيع الديمقراطية» وهي الجملة التي تصدرت أغلب الصحف البحرينية آنذاك.فالبحرين ظهرت فيها مراحل النضج السياسي مبكراً، منذ أن قادت المطالبات الشعبية في أوائل الثلاثينيات الفكر نحو أهمية وجود مجلس للشورى، لحماية شؤونها الداخلية من التدخل الأجنبي، تبعتها مرحلة تطور المجلس إلى تشريعي يشارك من خلاله ممثلو الشعب في صنع القرارات السياسية والاقتصادية، وإدارة شؤون البلاد بعدها. وفي مرحلة الخمسينيات توحدت التيارات السياسية في هيئة سميت بالهيئة التنفيذية العليا، التي أصبحت لاحقا هيئة الاتحاد الوطني بعد أن تم الاعتراف بها من الحكومة كهيئة سياسية، الأمر الذي عكس نضج التعامل الحكومي مع الحركات السياسية أيضا، وساهم في بناء نسيج شعبي يجمع بين التعددية والتجانس معا.وبعد مرحلة الاستقلال عام 1971، وكأي دولة خليجية تعلن استقلالها، تبعتها حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، حتى حسمت الأمم المتحدة الأمر بالاستفتاء الذي أُجري آنذاك، وأكد البحرينيون رغبتهم في الاستقلال تحت قيادة ومظلة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أميراً- والديمقراطية وسيلة- للدولة بعهدها الجديد، واستمرت في التوجه نحو إرساء خطى الديمقراطية نحو النظام الدستوري البرلماني، وأنشئ مجلس تأسيسي لإعداد دستور الدولة عام 1972، ضم 22 عضوا، لرسم ملامح اللوائح الداخلية وغيرها من أدوات الحوار الديمقراطي.وعادت أحداث وظروف إقليمية إلى المنطقة، حامت حولها أسباب ودواعٍ لحل البرلمان وتعليق الدستور، انتهت من خلالها مرحلة، لتبتدئ مرحلة أخرى.وفي الأسبوع القادم سنتابع المرحلة التالية من التعامل الإيجابي، والإدارة الناجحة للأزمات، في ظل المشهد السياسي في منطقة الخليج.كلمة أخيرة: هل يعقل أن تضم المدارس المئات من الطلبة دون أطباء أو هيئة تمريضية متخصصة؟ وهل يعقل أن يستمر الشباب بالقيادة المتهورة في عطل نهاية الأسبوع وتحت أعين رجال الشرطة؟ ظواهر سلبية نتمنى أن نجد لها حلاً.