تطور الزحف الرقابي ينذر بخنق المشاهد

نشر في 22-09-2008
آخر تحديث 22-09-2008 | 00:00
ربما كان موسم رمضان التلفزيوني الذي نعيش أيامه أكثر المواسم توترا في العلاقة بين الإعلام والرقابة
 أحمد عيسى مع تزايد قرارات منع المسلسلات في شهر رمضان المبارك، أصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى بالمملكة العربية السعودية الشيخ صالح بن محمد اللحيدان فتواه بإباحة قتل ملاك الفضائيات التي تبث المجون والخلاعة.

رغم أن الشيخ اللحيدان أوضح أخيرا أن فتواه «خرجت عن سياقها» فطالت جميع ملاك القنوات الفضائية، بينما كان يقصد كما أوضح لاحقا «الفضائيات التي تروج للسحر والشعوذة، وتبث ما يفسد عقائد الناس من شرك بالله، وتنشر الخلاعة والمجون والمضحكات»، إلا أن هذا لا ينفي انكماش دائرة المنع التي أخذت تضيق بشدة على المشاهد، بعد أن أحكمت خناقها على أركان عملية الاتصال بمجملها، التي تقوم على مرسل، متلقي، رسالة، وسيلة، ورد فعل.

المتابع لحال التشدد يرى أن فتاوى التكفير والتجريم طالت في البداية الفنانين والكتّاب (المرسل)، إلى تحريم مشاهدة بعض المسلسلات والبرامج (الرسالة)، إلى وسائل الإعلام وملاكها (الفتوى الأخيرة للشيخ اللحيدان)، ليتبقى في العملية الاتصالية المشاهد ورد فعله، والذي ينتظر أن يطاله حكم من هنا أو فتوى من هناك، تجرم فعله، أو تكفره لاحقا، في تطور طبيعي للزحف الرقابي الذي نعيشه.

المؤلم فيما يتلاحق من أحكام وفتاوى وقرارات تطال المؤسسات الإعلامية، أن فكرة المنع أصبحت هي الأصل في المنطقة، ويعزز هذا خلال العامين الماضيين، عدد عناوين الكتب التي منعت في معارض الكتاب (الكويت)، وقرارات منع عرض الأفلام التي تتطرق للسياسة في عدد من دول الخليج (دبي والبحرين)، إلى جانب منع عرض مسلسلات أجزيت نصوصها سلفا كحالة مسلسلات أسد الجزيرة وأخوة التراب (تلفزيون الكويت)، الطريق إلى كابول وللخطايا ثمن وفنجان الدم (أم بي سي)، سعدون العواجي (أبو ظبي)، لأسباب واعتبارات سياسية واجتماعية وقبلية ومذهبية.

ما يحدث يعني توسيع هامش المنع على حساب الإباحة، الذي صار يضم عناصر ومرتكزات جديدة تضاف إلى ثالوث الدين والجنس والسياسة، حولت المشاهد إلى ضحية، يدور حبل المنع على رقبته حد الخنق، بعد أن ضاقت عليه دائرة التجريم، فراح يبحث عن متنفسه لدى «تجار الشنطة» الذين يغزون المقاهي ليلا حاملين معهم الأعمال التي يريدها على أقراص مدمجة، وبثمن لا يعادل حرقة أعصابه.

back to top