كنت ممن عارضوا إسقاط قروض المواطنين الاستهلاكية في السابق، ولكن اليوم وحينما طحنت الأزمة الاقتصادية الجميع، لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن تجاوز حقيقة أن المواطنين أيضا قد طحنوا في هذه الأزمة وأن العين الحكومية التي رأت آثار هذه الأزمة على الشركات والتجار، لا بد لها من أن ترى في الوقت نفسه، بل قبل ذلك، آثار هذه الأزمة عليهم أيضا فتجد لهم الحلول!

Ad

مَن يتابع ما تنشره أغلب صحفنا، إن لم يكن كلها، وما يتم تداوله حول ما يسمى بمشروع قانون الإنقاذ الاقتصادي، لن يخرج إلا بالنتيجة أعلاه، وهي أن حكومة الشيخ ناصر المحمد تقف ضد المواطنين لمصلحة التجار!

نعم، سيصل المتابع إلى هذه النتيجة لأن هذه الحكومة التي رفضت دوما إسقاط قروض المواطنين البسطاء والتي لا تتجاوز تكلفتها ملياراً ونصف المليار دينار بحجة ارتفاع التكلفة، هبت وحشدت خيلها ورجلها لنجدة التجار حينما أصابت سهام الأزمة الاقتصادية جيوبهم وقلوبهم، فأصبح اليوم لا مانع عندها من أن تصرف أكثر من خمسة مليارات!

لا أكشف سرا ولا أفاجئ أحدا، حين أقول إن حكومة الشيخ ناصر المحمد، ليست في أحسن حالاتها على المستوى الإعلامي، وأن شعبيتها قد انحسرت إلى حد كبير خلال الفترة الماضية لأسباب عديدة لن أتطرق لها وإنما يهمني منها سببا واحدا، وهو ضعفها الكبير في إدارتها للملف الإعلامي.

خلال الفترة الماضية وعلى هامش الأزمة الاقتصادية، تصدى للتصريحات الحكومية في الغالب وزيران، الأول السيد مصطفى الشمالي وزير المالية، وهو رجل يصدق فيه المثل القائل، أن تصمت فيظن الناس بأنك لا تعرف شيئاً خير من أن تتكلم فتثبت ذلك، فهذا الرجل ما تكلم مرة إلا وزاد الطين بلَّة، ولعله أدرك ذلك أخيرا فقد قرأت في صحيفة زميلة أمس في صفحتها الأولى ما معناه أنه صار يرى الأسئلة الصحافية على هيئة كمائن وأفخاخ منصوبة له، لذا قرر ألا يتحدث مطلقا عن أي شيء يخص مجلس الأمة والشأن الكويتي!

الوزير الثاني الذي يتحدث عن الموضوع الاقتصادي كثيرا هو وزير التجارة والصناعة السيد أحمد باقر، وهو رجل فقد الكثير من شعبيته لأسباب متعددة، ليس المجال لذكرها كذلك، حتى بلغ الحال ببعض الصحف أن تلفق الأقاويل على لسانه من باب أن الجمهور قد صار مهيئاً لتقبل أي شيء يقال عنه بالذات!

كنت ممن عارضوا إسقاط قروض المواطنين الاستهلاكية في السابق، ولكن اليوم وحينما طحنت الأزمة الاقتصادية الجميع، لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن تجاوز حقيقة أن المواطنين أيضا قد طحنوا في هذه الأزمة وأن العين الحكومية التي رأت آثار هذه الأزمة على الشركات والتجار، لا بد لها من أن ترى في الوقت نفسه، بل قبل ذلك، آثار هذه الأزمة عليهم أيضا فتجد لهم الحلول!

لا أفهم كيف لا تدرك الحكومة بأن عليها التركيز على حاجات مواطنيها في الشرائح الوسطى والمتدنية قبل شريحة «علية» القوم، ليس من باب أن هذا أوجب واجباتها دستوريا فحسب، وإنما حتى من باب الإدارة السياسية والإعلامية لمقاليد الأمور!

لا أفهم كيف لا يدرك سمو رئيس الوزراء، أن حكومته بحاجة إلى ترميم شعبيتها عبر إشعار مواطنيها بقربها منهم وشعورها باحتياجاتهم وأزماتهم، وأنها تضعهم على رأس اهتماماتها وقبل كل وأي شيء آخر!

سمو الرئيس، أنا واثق من إدراككم بأن المعارك السياسية هي معارك إعلامية في أولها وأوسطها ومنتهاها، وعليه فضبط الملف الإعلامي يجب أن يأتي على رأس قائمة الاهتمامات عندكم، وأنا واثق كذلك من إدراككم لعظيم الحاجة إلى القبول والدعم الشعبي لأي حكومة، وعليه فيجب كذلك أن يكون للمواطنين الحظ الأوفر من اهتمام حكومتكم. إنني على ثقة يا سمو الرئيس بأن الالتفات إلى حاجات المواطنين، والانتباه إلى معالجة موضوع قروضهم بالأخص، في هذا التوقيت السياسي العصيب بالذات، سيكون له عظيم الأثر في تغيير مسارات الأمور في القادم من الأيام.