إن الخلط ما بين «حدس» وجماعة «الإخوان» ككل يسعد «حدس» كثيراً، ولكن الحقيقة أن الكثير من «الإخوان» ليسوا راضين عن أداء «حدس»، بل لا يقبلون بالكثير مما تقوم به وما تتخذه من مواقف، ولعلي لا أتردد في القول إن هناك منهم مَن لم يصوت لمرشحي «حدس» في الانتخابات الماضية وقلب لهم ظهر المجن.تحدثت في مقالي السابق عن كيف أنه من الخطأ الكبير أن يُختزل «الإخوان المسلمين» في الكويت، بكل حراكهم المتنوع، في النطاق البرلماني الضيق، ووصلت إلى أن هذا الخطأ يصبح فاحشة سياسية، إن وقع فيه منافسو «الإخوان المسلمين»، لأن استصغار الخصم، لن يؤدي إلى تصغيره في حقيقة الأمر، وإنما سيخدع الذات ليجد المرء نفسه وقد اصطدم رأسه بجدار الواقع. وهذه قاعدة بدائية موجودة في كتب الإدارة الابتدائية لمن يقرأ قبل أن يتكلم ويكتب.
وكنت سأواصل الحديث عن الأسباب التي أدت إلى تعثر «حدس»، وإلى خسارتها للكثير من مصداقيتها في الشارع، لكن بعض الظرفاء، قالوا إني أغازل «حدس» و«الإخوان»، وبعض من هم أظرف منهم، ربطوا الأمر بخروجي من «حزب الأمة»، وأما أظرف الجميع فهو ذاك الذي ربطها بأني أتقرب من الحكومة ولذلك أحاول تحييد «الإخوان»، فوجدت أن من المفيد وضع بعض النقاط على الحروف.
بداية، سأعتبر هذه الظرافات مشاكسات بريئة لا أكثر، لأني إن حملتها على محمل الجد، فلن تكون إلا شطحات شاسعة لا يفوقها إلا شطحة ذاك الذي ظن أني يوم كتبت أبارك لحزب التحرير صدور حكم براءتهم كنت أعلن انضمامي إلى حزبي الجديد!
لا يا سادة.. ليس في الأمر مغازلة لأحد، ولا تودد للانضمام لـ«الإخوان» أو تقرب من الحكومة، ولو كنت فاعلاً لقمت به من تحت الطاولة، كما يفعل الآخرون، لا على صفحات الجرائد وبهذه «الدفاشة» ليفضحني «ذكاء» الإخوة «الظرفاء».
لنتكلم بجد الآن... يبدو أن بعضهم لايزال يخلط وبفجاجة ما بين «حدس» وحركة «الإخوان المسلمين» ويستخدم هذا المصطلح للتدليل على ذاك والعكس بالعكس، وأنا أدرك وأقبل أن بعض هؤلاء لا يميزون ما بين الاثنين، وربما، لا يفهمون ما أتحدث عنه هنا، ولكن يصبح هذا الخلط غير مقبول ممن يرى في نفسه متابعاً سياسياً واعياً!
إن الخلط ما بين «حدس» وجماعة «الإخوان» ككل يسعد «حدس» كثيراً، ولكن الحقيقة أن الكثير من الإخوان ليسوا راضين عن أداء «حدس»، بل لا يقبلون بالكثير مما تقوم به وما تتخذه من مواقف، ولعلي لا أتردد في القول إن هناك منهم مَن لم يصوت لمرشحي «حدس» في الانتخابات الماضية وقلب لهم ظهر المجن.
هذه المعلومة الدقيقة، واضح أنها غائبة عن حسابات وتكتيكات منافسي «حدس» وخصومها من القوى السياسية الأخرى، ناهيك طبعاً عن غيابها المطلق عن فهم وإدراك أولئك المستغرقين في ضرب «حدس» و«الإخوان» بلا تفرقة في الديوانيات والإنترنت، وكثيراً من دون منطق ولا موضوعية.
حين قلت إن «الإخوان» مدرسة، فليس معنى ذلك أني كنت أمدحهم بقدر ما أني كنت أقر بحقيقة الصورة التي أمامي. جماعة تمكنت خلال هذه السنوات من الوصول إلى هذه المنافذ كلها، والصعود إلى تلك المستويات جميعها، والتحكم بكل هذه المفاصل، تستحق أن تُدرس بتعمق، وأن تُستجلى تجربتها بوسائلها وأدواتها وأساليبها كلها.
وهذا يقودني للقول إن من أهم أسباب عدم انتشار التجارب المنافسة لـ«الإخوان» عندنا، وعدم تمكنهم من التغلغل في نسيج المجتمع بالطريقة نفسها التي تمكنت بها هذه الجماعة، هو أن هذه التجارب قد غفلت، أو لنقل تغافلت عن سبق إصرار وترصد، عن تقدير تجربة الإخوان وإعطائها حقها، لتنطلق حركة «الإخوان»، ويبقى الآخرون يستنشقون غبارها.
أهمية رصد تجربة المنافسين ومتابعتها والتعلم منها هي أيضا قاعدة بدائية موجودة في كتب الإدارة الابتدائية، لمن يقرأ قبل أن يتكلم ويكتب!