عجيب أمر العديد من النواب الذين انهالوا علينا بتصريحات تشي بالحكمة والعقلانية حين وصلت أحوال البلاد إلى سكة سد حرنت فيها لا تريم!

Ad

وصار الشعب يترقب- بقلق شديد- الإجراء الذي سيتخذه ولي الأمر سمو أمير البلاد، وقد بدت لي هذه التصريحات- بصراحة ربنا- منطوية على التزييف والرياء والنفاق الاجتماعي، كما أشار إلى ذلك أحد الزملاء، الذي فاتني اسمه لحظة الكتابة.

الشاهد أن المصرحين تناسوا ولحسوا كل المناقب التي أضفوها على سمو الأمير، طوال سنوات حضورهم في قاعة عبدالله السالم، ولم يتذكروا هذا إلا بعد أن «وقعت الفأس في الرأس»، وبات المجلس ينتظر إما خيار الحل الدستوري، وإما خيار الحل اللادستوري! يا أولاد الذين آمنوا! أين كانت هذه الرصانة والحكمة والذرابة والكلمة الطيبة، وكل القيم الصالحة السوية، حينما كنتم في موقع المسؤولية والإنجاز والفعل؟! الليلة البارحة: رأيت فيما يرى النائم حلما «نوستالوجيا» يتبدى فيه الشيخ الأمير المؤسس «عبدالله السالم» رحمه الله، بسمت الغاضب المطالب بإزالة اسم سموه من القاعة الشهيرة، لأسباب باتت معروفة للقاصي والداني! ولحسن الحظ أن الواقعة مجرد أضغاث أحلام! لكن المؤسف أن الأحلام دوما تنطوي على معان ودلالات حريتين بالتشخيص، درءاً لتحققها في أفق الواقع الذي يدب على الأرض!

* وأحسبني لا أغالي إذا نوهت بأن الحكمة: هي «الفريضة الغائبة» عن خطاب وممارسات العديد من النواب، طوال السنوات العجاف التي جثمت على صدر البلاد والعباد، منذ التحرير إلى الحين الذي نحن فيه! من هنا: تبدو لي أن استجابة النواب للخطاب السامي المضمر بالنصائح والإرشادات والمواعظ والدروس، تضاهي رد فعل الإنسان المخطئ المستيقن أنه كذلك، لكنه يتشبث بموقف العزة بالإثم، مفضلا تعليق أخطائه وخطاياه على مشجب من خارج صفوفه!

إن الخطاب السامي واضح كما الشمس، لكونه يسمي الأشياء بمسمياتها، ويضع النقاط على الحروف بشفافية بينة لكل ذي بصيرة، ذلك أن الإنسان الحر الأديب تكفيه الإشارة، لكن المؤسف أن العلاقة السيئة بين الحكومة ومجلس الأمة، أفضت بهما إلى أن يكون أداؤهما مشابهاً للعب في الوقت الضائع في المباريات الرياضية!

والأنكى: هو أن الوقت الضائع لا يهتبله القوم لإنقاذ البلاد من التحديات التي تجابهها، بل ينتهزه اللاعبون لممارسة المزايدات المدغدغة لمشاعر المواطنين الناخبين، وللتنصل من الأخطاء المتواترة في المجالس السابقة، التي أشار إليها سمو أمير البلاد بوضوح لا يحتمل الهذر و«القولان»!

آن الأوان إلى أن يجتمع النواب بالحكومة على كلمة سواء تصوغ خريطة طريق التعاون بين السلطتين إذا كنا نعني بحق الاحتفاء الشديد بالخطاب السامي والذي لا يكون صادقا سوى بترجمته إلى أفعال وممارسات وإنجازات تدب على الأرض وتمكث فيها إلى ما شاء الله. ذلك أن قولة آمين لمضمون الخطاب السامي لا تكفي ولا تجدي إذا لم تقترن بالسلوك والممارسة والمواقف. من هنا أقول إن العديد من التصريحات قيلت لمجرد رفع العتب، وتسجيل الموقف ليس إلا!