Ad

إن أنشطة رمزية ربما لا تكلف دماء وأرواحا تأتي بنتائج مؤثرة كما هي الحال في مشهد الزورقين، فمثلما أن هناك ظروفا تتطلب الرد العنيف، أيضا هناك مواقف لا تحتاج عنفا بالضرورة.

أول العمود: مثلما وعدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وضع تسع خطوط ساخنة لتلقي شكاوى العمال بعد حادث إضراب البنغال... يجب عليها الآن أن تضع خطوط فاكس لكل جمعية نفع عام للاطلاع على كتبها الرسمية بحسب القرار الأخير... علما أن عدد الجمعيات يقترب من الـ80 جمعية!!

***

وأخيرا... وبعد عامين من الحصار المهلك، غزة تبتسم بفضل ناشطين معظمهم من أميركا وبريطانيا، جاؤوا من قبرص بحرا مستقلين زورقين «حرية» و«غزة حرة». وفي الحقيقة فإن هذه الخطوة التي تحدت الحصار الإسرائيلي وتجاهلت الإنذار الذي أطلقته السلطات للناشطين منذ 13 أغسطس الجاري قد لفتت أنظار العالم أجمع إلى مأساة يعيشها 1.4 مليون نسمة «أكثر من تعداد الكويتيين بنصف مليون» في شريط ساحلي صغير يسمى بقطاع غزة تصل فيه أعداد العاطلين عن العمل الى 86 ألفا بحسب إحصاءات رسمية فلسطينية نشرت عام 2006.

ويمكن أن نستوعب من حركة الناشطين الـ46 الذين «يمثلون 14 دولة»، التي بدأت يوم 21 من الشهر الجاري عددا من الدروس نلخصها في ما يلي:

أولا: أن المقاومة ليست دوما فعل عنف كما هو السائد في المقاومة الفلسطينية التي قلصت من خط المقاومة الرمزية «أطفال الحجارة» أواخر الثمانينيات، بل إن أنشطة رمزية ربما لا تكلف دماء وأرواحا تأتي بنتائج مؤثرة كما هي الحال في مشهد الزورقين، فمثلما أن هناك ظروفا تتطلب الرد العنيف، أيضا هناك مواقف لا تحتاج عنفا بالضرورة.

ثانيا: إن الجماعات السياسية والحقوقية الناشطة في العالم العربي مدعوة بعد كسر الناشطين الدوليين للحصار المفروض على غزة، إلى القيام بخطوات لاحقة سواء كانت عربية صرفة أو بالتعاون مع ناشطين غير عرب... ويجب عدم الاستهانة بأي جهد رمزي لا عنفي يبذل لأي قضية، ففي أحيان كثيرة تكون لمثل هذه الأفعال نتائج تراكمية تؤدي الى انفراجات غير محسوبة.

ثالثا: فقد طال الفعل الفلسطيني المقاوم في السنوات الأخيرة تشتتا وتسييسا وفئوية خطفت قضية الشعب الفلسطيني المظلوم، وسترت أبعادها الإنسانية المأساوية كالبطالة والأمراض والعوز والتهجير والقتل وغيرها من المآسي التي ترتكبها القوات الإسرائيلية يوميا.

وأخيرا، فإن ما قام به الناشطون الدوليون لمصلحة سكان قطاع غزة أدى الى نشر روح التفاؤل بين محبي السلام حتى لو كان وقود هذا الفعل زورقين فقط، ولنتذكر منظر الأطفال وهم يسبحون على شاطئ غزة لمصافحة الناشطين قبل أن تطأ أقدامهم ساحلها.

مظفّر عبدالله