المدونات!
الغرض من تنظيم المدونات لا يتعدى إخفاء روح المسؤولية والشفافية والشجاعة على النشر الإلكتروني الذي لا يختلف في مضمونه عن النشر الصحفي وتمكين أصحاب المدونات من حق إبداء الرأي بعزة وكرامة وليس للاختباء خلف الأسماء المجهولة والمستعارة خوفاً أو حياءً.تعتبر المدونات من أبرز منابر التعبير عن الرأي في الثورة المعلوماتية المعاصرة ولعل من أهمها على الإطلاق من حيث الانتشار والتأثير، خصوصا في الوسط الشبابي، وقد ساهمت هذه المدونات بالفعل في خلق نقلة نوعية وقدرة فائقة في تفجير الطاقات الشبابية وروح الطرح الجريء والشجاع، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحد من انتشار هذه الثقافة الإلكترونية أو كبح جماحها.
ومن جهة أخرى، فإن ثقافة المدونات صورة جديدة من طرق التعبير عن الرأي في إطار الحريات العامة التي يكفلها الدستور والمكتسبات الإنسانية وتتزين بها الديمقراطية وتضفي عليها روح الديمومة ومواصلة العطاء.ومن ناحية ثالثة، لا يمكن بفضل التقنيات الحديثة ومظاهر العولمة تعقّب مصادر النشر الإلكتروني أو محاصرتها أو فرض الرقابة عليها وذلك لسببين رئيسيين: الأول، يتمثل في الأعداد المتزايدة للمدونات وغيرها من صور النشر الإلكتروني وبوتيرة متصاعدة ويومية ويشمل ذلك التنوع اللامحدود لطبيعة هذه الثقافة والعناوين المختلفة التي تستوعبها قواميس التفكير البشري، بينما يكمن السبب الآخر في القدرة الهائلة على المناورة والهروب من مراصد الرقابة مهما أوتيت من قوة. والمدونات كأي منتج بشري عبارة عن وعاء للفكر والرأي يشمل الغث والسمين والحق والباطل والهدم والبناء والفاسد والصالح... وتبقى هذه التصنيفات خاضعة بدورها للذوق العام والخاص وللقناعات الشخصية التي عبّرت عنه فيما يتعلق بتنظيم المدونات وردود الفعل على ذلك من خلال التعليقات المختلفة التي توالت على ذلك خصوصاً من شباب الإنترنت، فما قصدته لا يعني بأي حال من الأحوال مصادرة الرأي وحرية التعبير عنه ليس بسبب أن مثل هذه الصلاحية لا نمتلكها أساساً، وليس بسبب تعارض ذلك مع مبادئ الحريات العامة التي يكفلها الدستور، وليس حتى بالمخالفة للنهج السياسي والفكري الذي طالما تشرفنا بالدفاع عنه في مجال الحرية وتعزيز الديمقراطية بلا فضل أو منة، ولكن انطلاقاً من الواجب والمسؤولية.وببساطة شديدة، فإن الغرض من تنظيم المدونات لا يتعدى إخفاء روح المسؤولية والشفافية والشجاعة على النشر الإلكتروني الذي لا يختلف في مضمونه عن النشر الصحفي وتمكين أصحاب المدونات من حق إبداء الرأي بعزة وكرامة وليس للاختباء خلف الأسماء المجهولة والمستعارة خوفاً أو حياءً أو استغلال ذلك في ترويج الافتراءات والكذب والتدليس على الآخرين دون أن تكون لهم حقوق الدفاع عن أنفسهم أو التقاضي في إطار سلطان القانون والقضاء.ولعل في تجربتنا الكويتية ما نفخر به في هذا الشأن عندما انتصر مجلس الأمة والصحافة والمنتديات الإلكترونية للزميلين بشار الصايغ وجاسم القامس عند اعتقالهما بسبب ما عبّرا عنه في موقعهما الإلكتروني وسجلت هذه الحادثة انتصارا لحرية الكلمة وانتصاراً للثقافة الإلكترونية الكويتية.والمثال الآخر الذي نتمنى أن يُحتذى هو مدونة الأستاذ محمد عبدالقادر الجاسم المحامي والتي يعتبر رمزاً للكلمة الجريئة والشجاعة المعلنة التي أعطت للمدونات قيمتها الحقيقية وتأثيرها الواقعي ونجحت في سحب البساط من تحت كل الصحف المحلية مجتمعة من حيث عدد القراء.