Ad

إن قيام بعض أفراد الشرطة بالتطفل والتلصص على هويات الناس تعد صريح على الحرية الشخصية التي كفلتها المادة (30) من الدستور، بل يتمادى بعضهم بالتدخل في خصوصيات الناس كالسؤال عن هوية مرافقيهم، خصوصاً إن كانوا من الجنس الآخر.

من المخالفات الدستورية التي تحولت مع مرور الزمن إلى واقع مقبول هي نقاط التفتيش الأمنية في الشوارع، بل بات قياديون أمنيون يجاهرون بمخالفتهم كتصريح الوكيل المساعد بوزارة الداخلية اللواء مصطفى الزعابي لـ«الجريدة» بتاريخ 20 يوليو بأنه «بعد مشاورات مكثفة مع بعض قياديي الوزارة» أمر بـ«تكثيف نقاط التفتيش على مدار الـ24 ساعة يومياً... وهو إجراء روتيني».

حسب استطلاع مبسط للتصريحات الإعلامية والأحاديث الخاصة مع بعض الأصدقاء، فإن مبررات نقاط التفتيش لا تخرج عن ثلاث: الوجود الأمني الاحترازي لحفظ الأمن، ومطابقة أسماء الناس بقوائم المجرمين والمتغيبين ومخالفي قانون الإقامة، ما يعني أن تعقبهم مبني على الحظ ومصادفة المرور في الشارع والوقت نفسه الذي يقام فيه التفتيش (خوش مباحث)، أما المبرر الثالث، فهو قتل أوقات الفراغ لدى أفراد الشرطة! إذن ليست هناك ظروف طارئة أو اشتباه معقول، بل المبررات كلها مبنية على الاحتراز والمصادفة والبطالة المقنعة لأفراد في الشرطة.

إن قيام بعض أفراد الشرطة بالتطفل والتلصص على هويات الناس لهو تعدٍ صريح على الحرية الشخصية التي كفلتها المادة (30) من الدستور، بل يتمادى بعضهم بالتدخل في خصوصيات الناس كالسؤال عن هوية مرافقيهم، خصوصا إن كانوا من الجنس الآخر. كما أن التذرع بوجود قوائم المجرمين والمتغيبين لا تبيح التعدي على خصوصيات الناس، فبدائية وعدم كفاءة أساليب المباحث في تعقب المجرمين والمتغيبين لا يتحمل مسؤوليتها المواطن.

المفارقة أنه قبل عشرة أيام من تصريح اللواء الزعابي نشرت «القبس» حكماً لمحكمة التمييز ببراءة شخص من تهمة حيازة المخدرات بعد القبض عليه عند مروره «مصادفة» على نقطة التفتيش ولم يكن نتيجة تحري المباحث، وقد برأته المحكمة بناء على دفع محاميه بأن «الطاعن لم يضبط متلبساً بأي جريمة، بل تنعدم دواعي ومبررات الاستيقاف، فالطاعن لم يأت بسلوك غير مألوف يستدعي تدخل الشرطي حتى يستوقفه، فالاستيقاف لم يشرع للاعتداء على حريات الناس وإنما شرع حينما يضع المتهم نفسه طواعية واختياراً في ظروف تستدعي تدخل الشرطة، فما قام به الشرطي هو استيقاف باطل، ومن ثم فإنه يبطل هذا الإجراء وتبطل جميع الإجراءات اللاحقة». وكما يبدو فإن الحكم استند على المادة (30) والمادة (31) التي حرمت تفتيش إنسان والقبض عليه من دون إذن من النيابة أو اشتباه معقول بسلوك غير مألوف.

إذن الدستور لم يسمح للشرطة باستخدام تهمة حيازة المخدرات مبرراً لتعديهم على خصوصية شخص وحريته، فالمحكمة أبطلت التهمة لأنها بنيت على إجراء باطل، ووضعت العبء على الشرطة لابتكار أساليب تحر صحيحة قانونياً، وذلك من صلب مبدأ سيادة القانون الذي يميز دولة المؤسسات عن فوضى الغابات.

Dessert

لم أشهد طوال حياتي حالات مماثلة لنقاط التفتيش في أي من الدول التي زرتها سوى نقاط «السيطرة» في الكويت أثناء الاحتلال العراقي.