حدس ... وسكرات الموت!!

نشر في 28-01-2009
آخر تحديث 28-01-2009 | 00:00
 سعد العجمي بات من الواضح أن «حدس» تبحث عن بطولات وهمية تعيد بها بعض أمجاد الزمن الغابر الذي فقدته في بورصة الصفقات والمساومات السياسية منذ سنوات، لكن الموافقة على أن تشمل لجنة التحقيق كل قضايا القطاع النفطي دون انتقائية، سيكون بمنزلة «الموس» الذي ستبلعه مرغمة.

بعد أن رضعت من ثدي الحكومة حتى شبعت، وشربت من مائها الزلال حتى ارتوت، والتفت حول نارها حتى دفئت، تذكرت الحركة الدستورية الإسلامية «حدس» أن هناك أداة اسمها «الاستجواب»، وأن هناك مالاً عاماً يجب الدفاع عنه وحمايته، وأن هناك ناخبين يجب الالتفات إلى مطالبهم ورعاية مصالحهم.

اليوم هاج وماج نواب «حدس» وشمروا عن سواعدهم وكأنهم يقولون: للاستجوابات رجالها، وللمعارضة تياراتها، وللشارع قادته، دون أن يدركوا أنهم وحركتهم التي استمرأت لعبة «البيضة والحجر» باتوا اليوم كالخشب الذي نخره السوس وأنهكته عوامل التعرية.

أين كانت الحركة من مشروع «أمانة»؟ والمصفاة الرابعة؟ والجزيرة الخضراء؟ والقائمة تطول! أليست هذه أموالا عامة وثروات وطنية، وتجاوزات وتنفيعا ونفوذا؟ أم أن هذه الحقائق والوقائع خاضعة لحسابات خاصة لدى «حدس» هي التي تحكم تصنيفها؟

يوم أن كانت «حدس» ممثلة في الحكومة ومنذ وزيرها طيب الذكر إسماعيل الشطي، مرورا بالعليم، كانت الحكومة ورئيسها الشيخ ناصر لا يرتكبان الأخطاء والتجاوزات، وفي ذلك الوقت كانت الحركة تجنح إلى السلم والهدوء امتثالا لتوجهيات وتمنيات صاحب السمو بعدم التعسف في استخدام الأدوات الدستورية، ومد يد التعاون مع الحكومة، وهو ما بررت به «حدس» مواقفها في كثير من الأزمات السياسية التي طرأت على علاقة السلطتين، فما الذي تغير بين عشية وضحاها؟ ألم تعد توجيهات صاحب السمو الأمير تهم الحركة؟ وهل أصبح الشيخ ناصر يستحق الاستجواب بمجرد خروج العليم من التشكيل الحكومي؟ والأهم من ذلك، هل المال العام طوال تلك الفترة كان بمنأى عن التعدي، واليوم فقط انتهك عندما صحا «ضمير» الحدساويين، بعد أن اكتشفوا تآكل رصيدهم الشعبي وارتفاع الكلفة الباهظة لفاتورة مشاركتهم في الحكومة خلال الفترة الماضية؟!

الإصرار على اقتصار لجنة التحقيق التي تتبناها «حدس» على موضوع (الداو) فقط، لم يعد خافيا على رجل الشارع العادي، إنه موقف لمجرد ذر الرماد في العيون، هدفه حماية القيادات النفطية والتغطية على تجاوزاتهم وسوء أدائهم، بغض النظر عن الأسطوانة المشروخة التي صمّت آذاننا من كثرة ما يرددها نواب الحركة وكتّابها حول أن المقصود من هذا الموقف هو محاسبة المخطئ وتحميله المسؤولية.

كنا سنقبل مثل هذا الطرح لو اتخذت «حدس» الموقف ذاته في قضية المصفاة الرابعة وهم من دافع عن المشروع وأهميته، قبل أن يصفعهم ديوان المحاسبة بتقريره الذي أوقف المشروع، أما عملية الانتقائية في تحميل المسؤوليات فهو أسلوب رخيص ومكشوف في نفس الوقت، وسيضر بـ«حدس» أكثر من أن ينفعها.

على كل ما أضحكني حتى درجة البكاء ما قاله النائب جمعان الحربش، بأن من قدم اقتراح توسيع دائرة لجنة التحقيق لتشمل قضايا القطاع النفطي الأخرى، هدفه حماية رئيس الوزراء، كيف يستقيم ذلك «يابو عبدالله» وأحد أولئك النواب هو عبدالله البرغش الذي أصر على المشاركة في استجواب رئيس الحكومة بل تسبب في استقالتها؟! ثم إن الاقتراح الذي قدمه النواب الخمسة يتضمن محاسبة القيادات النفطية بمن فيهم رئيس المجلس الأعلى للبترول، وهو منصب لا يشغله سعد العجمي بالطبع؟!

عموماً لقد بات من الواضح أن «حدس» تبحث عن بطولات وهمية تعيد بها بعض أمجاد الزمن الغابر الذي فقدته في بورصة الصفقات والمساومات السياسية منذ سنوات، لكن الموافقة على أن تشمل لجنة التحقيق كل قضايا القطاع النفطي دون انتقائية، سيكون بمنزلة «الموس» الذي ستبلعه مرغمة، حينها سيتبين الخيط الأبيض من الأسود، ونعرف من هم حماة الحكومة ورئيسها، ومن هم حماة المال العام الحقيقيون.

back to top