كامب ديفيد... 30 عاما (1)
بين القدسية المفروضة والواقعية المرفوضة
في البداية نذكر أن الهدف من سلسلة المقالات هذه حول اتفاقيات «كامب ديفيد» في ذكرى مرور 30 عاما (سبتمبر 78) ليس الانتصار لفريق على آخر، أو تأييد رأي ضد رأي، ولكن لتوضيح الحقائق لجيل الشباب العربي الذي لم يعاصر تلك الفترة والمهتم بتاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، خصوصا أن هناك الكثير من الروايات التي صاحبت عقد الاتفاقيات كما كان هناك الإعلام الموجه الذي حاول القيام بما يشبه «غسيل مخ»، وسعى لتأكيد أمور بذاتها مانحا قدسية مرفوضة لتلك الاتفاقية، تمنع نقدها وجعلها واقعا مفروضا لا يمكن رفضه... لذلك فمن الطبيعي أن نحاول ذكر وبيان الوضع العام العربي والعالمي خلال الفترة بين زيارة القدس وتوقيع الاتفاقية (أهم نتيجة لزيارة القدس) قبل الحديث حول ما شملته بنود الاتفاقية، وسنحاول ذلك في إيجاز بغير خلل أو إسهاب، وبغير ملل إن شاء الله. عودة إلى ما انتهينا إليه في المقالات حول زيارة القدس (نوفمبر 77) وختاما للتعليقات حولها نذكر ما كتبه البعض على لسان الملك خالد «كنت دائما أذهب إلى الكعبة لأدعو للبعض لا لأدعو على أحد، ولكن في هذه المناسبة وجدت نفسي أقول اللهم حطم الطائرة التي تقل السادات إلى القدس قبل أن تصل حتى لا تصبح فضيحة لنا جميعا، وكنت خجولا من أنني دعوت في الكعبة على المسلمين». «السادات وهم التحدي... جوزيف فينكلستون ص 297». والتعليق الأخير ذكره محمد إبراهيم كامل وزير خارجية مصر الأسبق في مذكراته « السلام الضائع» حول رؤيته لمبادرة زيارة القدس: «كان الأمر في نظري لن يخرج عن فرضين: أن تحقق مبادرة السادات غايتها فيتحقق السلام العادل الشامل، والثاني أن تفشل المبادرة وليس من سبب يدعو إلى فشلها إلا تشبث إسرائيل بالأرض، وغاب عني أن هناك عاملا آخر يؤدي إلى الفشل وكان آخر ما أتصوره كان الرئيس السادات نفسه...!! وبالطبع لم يكن السادات يقصد فشل مبادرته وإنما حدث ذلك لفرط تلهفه وتعجله في أن يتحقق لها النجاح، فقد وقع فريسة بين أطراف أربعة: تعلق الملايين بالأمل في السلام، وشراسة هجوم العرب عليه من ناحية، وتصلب بيغين وانسياقه وراء السراب الأميركي من ناحية أخرى». تُرى إلى أين قادت المبادرة السادات؟ وأي نجاح حققه في «كامب ديفيد»؟ للحديث بقية...