وجهة نظر السينما المصريَّة في نصف عام!

نشر في 26-05-2008 | 00:00
آخر تحديث 26-05-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين في النصف الأول من عام 2008، عرضت السينما المصرية كماً من الأفلام، بنسبة أكبر من المعتاد في الأعوام العشرة الفائتة على الأقل، لكن بدا معظمها بالغ الضعف.

والطريف أن أنجح الأفلام خلال الأشهر الستة الأخيرة، هي تلك التي استمر عرضها منذ أواخر العام الفائت بفعل الإقبال عليها، بينما لا يمكث معظم الأفلام الجديدة في الدور أكثر من شهر وأحياناً أكثر من أسبوع.

والأفلام التي تحظى بإقبال مستمر هي: «حين ميسرة»، «هي فوضى؟»، «الجزيرة»، «خارج على القانون». يذكر أن «حين ميسرة» و»الجزيرة» فازا بمعظم جوائز المهرجان «القومي للسينما المصرية» الأخير.

واللافت أن الأفلام كلها بعيدة عن لون الكوميديا أو الفكاهة الخفيفة الذي ساد في الأعوام العشرة الأخيرة، ويبدو بوضوح أن المشاهد «شبع»، إن جاز التعبير، وأصبح بحاجة إلى التنوع وإلى عودة مختلف أزهار الباقة السينمائية.

وهذا ما يفسر أيضا، أن غالبية الأفلام المصرية التي عرضت خلال النصف الأول من 2008، ابتعدت عن لون الكوميديا، لكن شتان بينها، إلا ما ندر، وبين أفلام أواخر العام الفائت التي أشرنا إليها. يغلب على الأولى حتى الآن الهزال، وهي فقيرة فنياً ودرامياً وعلى كل المستويات، ما عدا استثناءات سنذكرها في ما يلي.

«كلاشينكوف»، «عمليات 18»، «لحظات أنوثة» وغيرها، كلها أعمال تدعي أموراً لا محل لها، فمنها من يزعم زيفاً أنه رومانسي من طراز روميو وجوليت كـ «الغرفة 707»، أو سينما الحركة مثل «عمليات خاصة»، أو تشويق مثل «شارع 18»، أو من السينما الاجتماعية على طراز الفيلم الناجح «سهر الليالي» مثل «لحظات أنوثة»، أو أنه مزيج من الرومانسية والتشويق والأكشن مثل «حسن طيارة» و{كلاشينكوف».

ولعل «نقطة رجوع» يعتبر الأنجح نسبياً والأقرب إلى التشويق، وهو من سينما الرعب مثل فيلم «كامب». أما في السينما الاجتماعية، يعتبر «احنا اتقابلنا قبل كده»، من بين الأفلام المهمة التي قدمت خلال سينما النصف الأول من العام واختلف حولها بشدة النقاد، وهي «طباخ الريس»، «جنينة الأسماك» و{ألوان السما السبعة»، بترتيب عرضها.

على مستوى الكوميديا السياسية، أثار «طباخ الريس» جدلاً، وهو من إخراج سعيد حامد، تأليف يوسف معاطي وبطولة طلعت زكريا وخالد زكي وداليا مصطفى. اعتبره بعض النقاد أنه من نماذج الأفلام التي تنافق الحاكم وتقدمه مثالياً، بينما يقتصر الفساد وارتكاب المظالم على الحاشية. في حين رأى آخرون، من بينهم كاتب هذه السطور، أنه لا يخلو من الفانتازيا التي تتخيل وجود رئيس مثالي، وتخاطب الحاكم الحالي على أساس «انظر هذا هو الحاكم الذي يجب أن تكونه.. وكم أنت بعيد عنه».

ثمة من لاحظ أن «ألوان السما السبعة»، إخراج سعد هنداوي، تأليف زينب عزيز وبطولة ليلى علوي وفاروق الفيشاوي وحسن مصطفى وسوسن بدر، يعبر عن شوق الإنسان إلى التطهر من أدران لحقت بالجسد الفاني، وعن التوق إلى التحليق بمنحى صوفي، نحو النقاء الكامل والسمو والسماء بألوانها ونورانيتها الآسرة، بينما اعتبر آخرون أنه لا يخلو من بعض الحذلقة، وطموحه في التعبير عن الأفكار أكبر من مقدرته على تجسيدها فنياً ودرامياً.

كذلك اختلف النقاد بشأن «جنينة الأسماك»، إخراج يسري نصر الله وتأليف ناصر عبد الرحمن وتمثيل هند صبري وعمرو واكد وجميل راتب وسماح أنور، فثمة من اعتبر أنه قصد التعبير عن قضية عجز الإنسان في عصرنا وفي بلادنا عن التواصل والتفاعل والعمل الإيجابي بلا خوف أو وجل، وهو موضوع الفيلم فعلا، إلا أنه فشل في نظرهم في التأثير في المشاهد والتفاعل معه، فوصفوه أنه فيلم «ذهني أكثر منه نابض» ولم تخرج أفكاره إلى التجسيد الحي المؤثر بنجاح، من بين هؤلاء الناقد أحمد يوسف والناقدة خيرية البشلاوي.

في المقابل، رأى آخرون أنه عبر عن قضيته بنجاح، لكن ليس بالشكل التقليدي الذي يتناول مقدمات وعقدة وانفراج، وإنما هو نوع من التأمل في القضايا التي يطرحها، نفسياً وفلسفياً واجتماعياً وسياسياً، ومن نوع السينما الخالصة التي تشبه الموسيقى الخالصة، تستمتع بها أكثر كلما استمعت إليها، وتتفاعل معها كلما كان لديك استعداد.

back to top