المطلوب من رئيس مجلس الوزراء اليوم هو أن يدفع بالبلاد لصعود طبقة جديدة في درج الحياة الديمقراطية، وأن يدعو الكتل النيابية إلى تشكيل أغلبية برلمانية لترشح أسماء وزراء الحكومة الجديدة لتكون حكومة برلمانية، ولا أعني بذلك أن يكون الوزراء من النواب بل من التجمعات التي تمثلها هذه الكتل.
«لا طبنا ولا غدا الشر» هي الجملة التي سيقولها أغلب المتابعين للشأن السياسي بعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، وأقول ذلك بكل أسف، بعد أن أثبتت التجربة أن العلّة لا تكمن في سمو رئيس الوزراء، ولا تكمن في شخوص الوزراء، بل في طريقة الاختيار التي تعتمد أسلوب الـ«ماكنتوش» و«من كل بستان زهرة» في محاولة للحفاظ على توازن من نوع ما داخل الحكومة.ولا أعني بما ذكرته حكومة المحاصصة الطائفية أو القبلية، فالنواب ورغم تصريحهم برفض حكومة المحاصصة، فإن أغلبيتهم ممن دعوا إلى عدم المحاصصة «سيطنطنون» ضدها إن لم تشهد دخول أحد أفراد القبيلة أو الطائفة أو التجمع السياسي الذي ينتمون إليه.المقصود بحكومة «الماكنتوش» هي الحكومة التي تضم وزيراً من «حدس» وآخر من السلف وآخر من الليبراليين، في محاولة لاسترضاء هذه الكتل، وهو ما استوعبته «حدس» بعد اكتسابها خبرة المشاركة في الحكومات الماضية، إذ رأت أن وجودها في الحكومة يكلفها أكثر مما يساعدها، خصوصاً كتجمع سياسي يسعى إلى الفوز بالانتخابات، فالمطلوب منها أثناء مشاركتها في الحكومة أن تسكت- على سبيل المثال- عما يحدث في وزارة التجارة والصناعة حتى تحفظ وزيرها العليم من سهام السلف، إلا أنها لم تسلم من هجوم المستقلين الآخرين ممن ليس لديهم تمثيل في الحكومة.المطلوب من رئيس مجلس الوزراء اليوم هو أن يدفع بالبلاد لصعود طبقة جديدة أو «سلّمة جديدة» في درج الحياة الديمقراطية، المطلوب منه دعوة الكتل النيابية إلى تشكيل أغلبية برلمانية لترشح أسماء وزراء الحكومة الجديدة لتكون حكومة برلمانية، ولا أعني بذلك أن يكون الوزراء من النواب بل من التجمعات التي تمثلها هذه الكتل، فإن استطاع السلف، كونهم أكبر الكتل البرلمانية، تأمين الأغلبية البرلمانية بالتعاون مع «حدس» وبعض المستقلين الإسلاميين ليصل عددهم إلى 26 نائباً فباستطاعتهم ترشيح أسماء لشغل 10 حقائب وزارية في الحكومة المقبلة، يمثلون الـ26 نائباً، فيما يختار رئيس الوزراء 5 وزراء، من أبناء الأسرة أو غيرهم، لشغر المناصب الأخرى وهي عادة وزارات الخارجية والداخلية والدفاع وما يراه الرئيس مناسباً.هذه الطريقة ليست مبتدعة، فهي المستخدمة في إسرائيل مثلاً، أو إيطاليا، لتشكيل حكومة ائتلاف تمثل الأغلبية النيابية، إلا أن الجديد فيها هو أن رئيس الوزراء معين من قبل سمو أمير البلاد مما يخلق التوازن الذي أقره الدستور بمشاركة الشعب بالحكم، وفي هذه الحالة ستكون الأغلبية النيابية ذات حصة مؤثرة في الحكومة، ولها مصلحة مباشرة في المحافظة عليها والمحافظة على الاستقرار، وفي حال انفراط الائتلاف الذي يقوده السلف داخل المجلس، تستقيل الحكومة حتى يتم تشكيل ائتلاف آخر، وقد يكون ائتلافاً مختلفاً يجمع الشيعة وكتلة العمل الوطني والشعبي وبعض المستقلين، وليس للناخب في كل انتخابات تقييم عمل الكتل النيابية والنواب من خلال عملهم التشريعي والرقابي فقط، بل حتى عملهم التنفيذي من خلال مشاركتهم في الوزارة، وليكون التنافس بين الكتل مع بعضها بعضا للمساهمة في قيادة البلاد، بدلاً من أن يكون التنافس بين مجلس الأمة والحكومة.
مقالات
ما نطيب... مع حكومة ماكنتوش
21-12-2008