Ad

تعرضت السينما المصرية دائما الى قضايا الواقع الكبرى، وأحدثها «حسن ومرقص» لعادل إمام وعمر الشريف.

يطمح إمام إلى التعرض لقضايا مهمة في أفلامه تثير جدلاً في الواقع، من بينها الإرهاب في فيلمي «الإرهاب والكباب» و«الإرهابي»، وما يعرف بقضية التطبيع في فيلم «السفارة في العمارة»... وها هو يخص فيلمه الجديد «حسن ومرقص» بقضية اصطلح على أن يطلق عليها «الوحدة الوطنية».

لم تكن قضية الوحدة الوطنية، أو الفتنة الطائفية في تسمية أخرى والتي تعني مع الأسف صوراً أو حوادث من الصدام بين المسلم والمسيحي، من قضايا الواقع المصري قبل حقبة السبعينات التي شهدت للمرة الأولى قضايا أخرى خطيرة، مثل «التطبيع مع إسرائيل» و»انحرافات الانفتاح الاقتصادي» وغيرهما.

للإنصاف، اتخذت السينما المصرية، في الأفلام الفنية والمتميزة وحتى في الأفلام التجارية والخفيفة بغرض التسلية، مواقف تعترض على «التطبيع» وتنتقد «الانفتاح»، وتصدت مراراً للتطرف أو الإرهاب باسم الدين، وإن قدمت، جماعات الغلو والتطرف الديني في صورة نمطية مسطحة أقرب إلى الكاريكاتور.

بدا الوقوف على حقائق الأوضاع داخل تلك التيارات والدوافع وطبائع البشر المنخرطين فيها، فوق طاقة السينمائيين الذين اختاروا أن يعلنوا كلمة فيها من خلال الدراما السينمائية، فأعوزتهم الوسائل والقدرات!

نجا «الإرهاب والكباب»، إخراج شريف عرفة وتأليف وحيد حامد، من تلك المشكلة، ربما لأنه نأى بنفسه عن الدخول إلى المنطقة الوعرة أو الخطرة، نعني تجسيد حياة الجماعات الدينية وتصوير أشخاصها، وإنما وقف عند حدود تأمل كيف يؤدي القهر والمظالم في الحياة الاجتماعية والسياسية إلى فرز ظواهر، تلم بالمجتمع وتؤلمه، مثل الظاهرة الإرهابية الدينية العنيفة.. فالقهر والقمع والعنف يولد العنف المضاد!

يعدّ «الإرهاب والكباب» من أجمل الأفلام في السينما المصرية المعاصرة ومن أكثرها إمتاعاً وإقناعاً وتأثيراً بعيداً تماماً عن «فخ» تصوير جماعات الدين المتطرفة»، لم يظهر فيه سوى شخص عادي، هو موظف يطيل لحيته ويترك العمل في ذروة ساعاته لأداء الصلاة، إدعاء لتديُّن غير حقيقي، أداه ببراعة الممثل القدير الراحل محمد عقل.

جاء «الإرهابي»، إخراج نادر جلال وتأليف لينين الرملي، عملاً سطحياً يقدم «التنميط» المألوف للدينيين (أو الإرهابيين)، وعجز كغيره من الأفلام عن تقديمهم كبشر بصورة حية نابضة وكعلاقات تنظيمية حقيقية.

لم تتمكن السينما المصرية من تقديم أفلام كبيرة أو متميزة تناقش «التطبيع» أو «كامب ديفيد»، ويحسب لفيلم «العصابة» لهشام أبو النصر أنه السبّاق في هذا المجال، ويعترض «الحب في طابا»، للمخرج الراحل أحمد فؤاد، على التطبيع بصورة تناسب فيلم تجاري يشير ولا يناقش بعمق.

أما نقد الانفتاح فأنتجت حوله أفلام بارزة وناضجة فكرياً وفنياً، مثل «أهل القمة» إخراج علي بدرخان، «سواق الأتوبيس» إخراج عاطف الطيب، إلى جانب أفلام انتقدت انحرافات الانفتاح وإن اتسمت بكونها تجارية وسطحية.

تناول قضايا الواقع الكبرى، ليس أمراً جديداً في السينما المصرية، إنما هو طموح قديم ودائم، منذ «العزيمة» لكمال سليم، «السوق السوداء» لكامل التلمساني وغيرهما، ومنذ «لاشين» و»يسقط الاستعمار» و»فتاة من فلسطين» مروراً بـ «بورسعيد» و«الله معنا» و«جميلة» و«ثورة اليمن»، إلى «مواطن مصري»... وصولاً إلى «حسن ومرقص»!