عرفنا الفنانة باسمة حماده في شخصيات عدّة، ألفنا طيبتها وحنانها، وفوجئنأ بشرّها وعنفها. دخلت قلوبنا بإنسانيتها الجمة وعلقت في أذهاننا بقدرتها الفائقة على التلون وتقمص الأدوار. رأيناها على خشبة المسرح كعصفورة ساحرة تتحرك بخفة وأناقة لتدهش أعيننا. رأيناها في التلفزيون تتقمص أصعب الشخصيات وتبهرنا بقدرتها الفائقة على الإقناع. لها سجل حافل بالأعمال الدرامية، ويعرض لها في الشهر الكريم «الداية» و«أيوب» و«السجينة».

Ad

كشفت حماده عن موهبتها الفنية في سن مبكرة، حين ظهرت في برنامج الأطفال «ماما أنيسة» وكان عمرها لا يتعدى الخمس سنوات.

هي بطلة سابقة في كرة السلة في نادي القادسية وحصلت على جوائز ودروع ومداليات وشهادات. أحبت الرياضة عموماً، والفن بجميع أنواعه والتصوير الفوتوغرافي الذي تمنت أن تحصل على دبلوم فيه، لشغفها بالتقاط الصور التذكارية، خصوصاً المناظر الطبيعية والأماكن الأثرية، وتملك مجموعة من هذه الصور مثل: الأهرامات، أبو الهول، برج إيفل، تاج محل، ساحة جرش وغيرها من المتاحف.

كذلك تعشق السفر منذ الطفولة، كانت تتحين الفرص المناسبة لتسافر وتبتاع الصور والتحف والملابس المميزة للدول التي تزورها، منها: أميركا، فرنسا، اليونان، إيطاليا، دول الخليج إلى جانب مصر، المغرب، الأردن ولبنان.

تصف حماده الساحة الفنية بالقول: «في كل المجالات هنالك المنافسة، الغيرة المشروعة، الغبطة، أما أن ينقلب الأمر الى حقد وحسد ونميمة وسلسلة طويلة من العادات غير الحميدة، فهذا ما يجعل الحياة كابوساً أتمنى ألا أراه. لا يتوقف الأمر على الفن وإنما في مجالات الحياة». تربطها بالفنانين العرب والخليجيين صداقات حميمة وتتمنى لهم التوفيق جميعاً.

جـوائز

كرِّمت حماده من إحدى المدارس في الكويت في بداية زواجها، وحصدت لقب «الأم المثالية»، كذلك من المسارح الأهلية في مناسبات عدة منها: الخليجي، العربي، الشعبي، ومن دول عربية عدة.

موهوبة

بدأت حماده رحلتها مع التمثيل في الخامسة من عمرها عندما شاركت في برنامج الأطفال «ماما أنيسة». في سن المراهقة، قرأت إعلاناً في إحدى الصحف يطلب ممثلات لبرنامج يبث عبر شاشة تلفزيون الكويت، فتقدمت وكانت في انتظارها مفاجأة، إذ وجدت عملاقي الفن الخليجي، غانم الصالح وسعد الفرج، على منصة الاختيار. اجتازت حماده الاختبار ومعها أختها لمياء التي كانت في الـحادية عشرة من عمرها، وأسند اليها دور في سهرة «منى» بمشاركة الفنانة استقلال أحمد، وأخرى بعنوان «طبيبة وبدر» إلى جانب مجموعة من الفنانين مثل سعاد عبدالله والفنان القطري علي حسين.

كانت الإطلالة الأولى لحماده مسرحياً من خلال « بدل فاقد» مع المسرح الكويتي، وغنت في اسكتش «بين الماضي والحاضر» بطولة ابراهيم الصلال وهيفاء عادل والفنان الراحل محمد صريع.

كذلك سجلت وجوداً مميزاً في إذاعة الكويت من خلال مجموعة من البرامج والمسلسلات الإذاعية التي شاركت فيها نخبة من نجوم الساحة الفنية الخليجية.

حلم

تحلم حماده بنقابة فنية كويتية تجمع تحت مظلتها الفنانين الكويتيين وتتصدى للإنتهاكات التي يتعرضون لها لا سيما لحقوقهم، وتختص بفض النزاعات بين الفنان والمنتج.

أما عن المسرح وابتعادها عنه، فأرجعت غيابها إلى عدم وجود نص يناسبها، مع أنها تلقت عروضاً عدة. قالت حماده: «عقب مسيرتي التي قدمت خلالها مجموعة من الأدوار المهمة سواء كانت كوميديا أو اجتماعية، لا سبيل لقبول أي عمل دون المستوى، أرفض الظهور للحضور فحسب. كذلك أشارت إلى أن غالبية المسرحيات التي تعرض جماهيرياً هي متوسطة المستوى، «في الماضي كنا نقدم أعمالاً تتعاطى مع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بأسلوب مباشر، أو من خلال إسقاطات على الأحداث المحيطة بنا. أما الآن فغالبية الأعمال المسرحية التي تقدم، تفتقد احترام الجمهور المتكبد عناء الطريق وثمن التذكرة لمشاهدة العرض وتسيء الى المشاهد من خلال مصطلحات جارحة، يتذرع القائمون على العمل بسعيهم إلى إيصال الفكرة من خلال هذه الألفاظ». كشفت حماده عن قرب عودتها الى مسرح الطفل من خلال مسرحية يتم التعاقد مع أبطالها راهناً.

عـودة

شهد مسلسل «بيت من ورق» عودة قوية لحماده بعد غياب بسبب زواجها، وتعتبر دورها فيه محطة هامة في مسيرتها الفنية، وأكدت أن الكاتبة فجر السعيد نبهتها إلى أن الجمهور سيكرهها في هذه الشخصية، إلا أنها تحدت نفسها في تجسيدها، وفعلا نجحت في إيصال مضمونها.

أضافت حماده أنها على الرغم من تقديمها أدوار الشر في «حكم الزمن» و»الماضي وخريف العمر» الذي حصدت عنه جائزة أفضل ممثلة، إلا أن شخصية الطبيبة التي تلجأ الى الدفاع عن كيانها ومنزلها بشتى الطرق مهما كانت العواقب، فريدة من نوعها لذا وجدتها مختلفة عن أي دور شر قدمته سابقاً. كذلك أكدت أنها تحاول التعبير عن المرأة في ظروف الحياة المختلفة وتحت الضغوطات، في ظل تركيز الدراما على الجانب السلبي من شخصية المرأة وتغاضيها عن الإيجابيات، «فغاب التوفيق في نقل صورة واقعية عن مجتمعنا»، محملة الكتّاب مسؤولية هذا الأمر، لافتة إلى أن بعض الكتّاب يلجأون إلى تعريب بعض القصص التي تكون في الأساس أفلاماً ومسلسلات أجنبية وينسبونها لأنفسهم، «ما يفقدنا المصداقية مع أنفسنا ومع الغرب الذي يشاهد أعماله عبر شاشاتنا تحمل أسماء غير مؤلفيها الحقيقيين».

شددت حماده على ضرورة اجتهاد الفنان وحرصه على تطوير نفسه إلى جانب اختياره أدواراً تتماشى وشخصيته، مشيرة إلى إقدام بعض الفنانات العربيات على تجسيد بعض أدوار «الأكشن» من دون أن تتناسب وتكوينهن الجسماني، ما يفقدهن المصداقية عند الجمهور، وانتقدت بعض الأخطاء في المسلسلات التراثية التي تفتقر إلى الدقة في التنفيذ، وأداء الفنانين الذي يفتقد إلى الحرفية في استخدام الأسلحة على سبيل المثال كالسيف وامتطاء الخيل.

بحب السيما

حول وضع السينما في الخليج والكويت تحديداً، اعتبرت حماده أن السينما والمال هما وجهان لعملة واحدة ولا يفترقان أبداً، «يساهم الإنتاج القوي في نضج سينمائي، أما في حالة عدم توافر الدعم المادي المناسب فلا وجود لسينما حقيقية، بل مجرد تجارب واجتهادات»، كذلك لفتت إلى أن المنتج يخشى الخسارة فيؤثر الدراما على الأفلام السينمائية لسهولة تسويق الأولى عبر الفضائيات، أما الثانية فلن يكون لها أي مردود مادي للمنتج مع افتقار دول الخليج لدور العرض.

باسمة الإنسانة

في الختام ماذا عرفنا عن باسمة حمادة وماذا تعلمنا منها؟ إنها فنانة شابة، لكنك تشعر، حين تتحدث معها، أنها تنتمي إلى فنانات الزمن الجميل، تبحث أولاً وأخيراً عن الرسالة الهادفة التي تقدمها للجمهور وتعتز بأدوار الشر التي أدتها، لأنها تجسد صنفاً من النساء موجودات بالفعل. لا تفارق الابتسامة وجهها في أوقات الفرح والشدة، فهي حنونة، صلبة، رومانسية، عقلانية، حالمة، وهي مزيج من مشاعر إنسانية شكلت ملامح شخصيتها التي قدمت على مدار سنوات أدواراً مميزة ما زالت راسخة في وجدان الجمهور الخليجي حتى اليوم.

الفنانات المحجبات

ترى باسمة أن بعض الفنانات المحجبات اللواتي يعملن في الساحة الفنية لا يحترمن حجابهن ويظهرن بصورة مسيئة له، وأن هناك أخريات يمثلن نموذجاً مشرفاً للفنانة المحجبة، موضحة أن الحجاب لا يقتصر على تغطية الشعر فحسب وإنما الالتزام بالملابس الفضفاضة وليس «تحجيب» الرأس وإبراز الجسد.

العثرة

تسير الحياة الزوجية دائماً بين الحسن والسيىء، بين المظلم والمضيء. الخلافات الأسرية واردة في كل الأحيان، فهي بهار الحياة الزوجية، وتحدث مع أي زوجين، لأنهما ببساطة لا يعيشان وحدهما في هذا الكون الفسيح، تقول حماده:» مع الأسف شهدت الفترة الأخيرة خلافات أسرية حالت دون لقائي بزوجي، مع العلم أن أطفاله من زوجته الأولى أمضوا معي فترة طويلة، وغرستُ في نفوسهم المحبة والعطاء، ولم أنتظر منهم أي «رد جميل» إلا الشكر والعرفان بالمحبة التي أكنها لهم».

أما عن خلافها مع زوجها الفنان رامي العبدالله فقالت حماده: «البيت فيه «المر والحلو» وتأتي المشاكل كسحابة صيف وتنتهي، وفكرة انفصالي عن زوجي غير واردة ، وإن حدث هذا الأمر ـ لا قدر الله ـ فلست المرأة الوحيدة التي تتعرض لهذا الأمر، عموماً لا أحب أن أذم إنساناً حتى لو كان طليقي، لأن أخلاقي لا تسمح لي بذلك، نشأت على أن أكون ربة منزل أحافظ على زوجي وأسرتي، وبالطبع لا يحول ذلك دون إثبات المرأة لوجودها وعملها في الحياة العامة لتحقيق نفسها». كذلك أضافت أن زوجها ساهم في دخولها المجال الفني، و«لا ضرر في ذلك طالما أعمل تحت عينه، فطاعة الزوج ليست عيباً ولا تجرح كبرياء المرأة، بل هي آداب وتقاليد تربينا عليها، ولن يجردني الفن من عاداتي وتقاليدي والحفاظ على بيتي وزوجي» .

أكدت حماده أنها تبغض في الرجل عدم صدقه مع نفسه والتناقض في شخصيته، تمقت الخائن والذي يفشي أسرار بيته، ولا تحب النفاق، في المقابل تحب أن يكون الرجل محباً لبيته ويعرف كيف يعامل زوجته وأبناءه.

أوقات الضيق

عندما سألناها عن الركن المفضل لديها داخل منزلها قالت حماده: «عندما أشعر بالضيق من أمر ما أو أحزن بسبب أي أمر ألجأ دائماً إلى المطبخ حيث أضع همي وحزني في الأكل»، كذلك تهرب إلى الكتب الثقافية والفنية وتقبل على القراءة بنهم ليمضي الوقت سريعاً وبذلك تضرب عصفورين بحجر واحد: تفريغ شحنة الغضب بداخلها والاستفادة من القراءة.

من هي؟

باسمة عيسى حماده أردنية الجنسية ولدت في الكويت، نشأت في قلب مدينة الكويت، تحديداً في منطقة شرق، تنقلت خلال المراحل الدراسية المختلفة بين أكثر من مدرسة منها البريطانية، الجيل الجديد والنجاح الوطنية، ومدرسة الأمناء وأخيراً فجر الصباح الثانوية ، كانت أختها الكبيرة لمياء أم عبد الله رفيقة الدرب في الدراسة والحياة عموماً، تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية، حصلت على بكالوريوس نظم المعلومات وتزوجت من الفنان رامي العبدالله منذ ثماني سنوات، لم تنجب لكنها تعيش مع أبناء زوجها الأربعة، وتجمع بينهم علاقة حب رائعة، تآلفت معهم وأصبحوا بمثابة أبنائها.

تذكر حماده ليلة الزواج وتقول: «ليلة العمر لا تنسى وتظل عالقة في الذاكرة سنوات، تزوجت من رامي منذ ثماني سنوات وكأي عروس، كنت مرتبكة وقلقة على الشكل العام الذي ستخرج به الحفلة، وسعيت إلى أن أكون مختلفة وتفاءلت كثيرا عندما كان الجو غائماً خصوصاً أنني أحب المطر، وانتابتني سعادة غامرة عندما قوبلت باستقبال حافل من الفتيات العاملات في صالون التجميل».

تابعت حماده: «دخلت صالة العرس على أنغام الموسيقى الكويتية والأغنيات البدوية وانهالت علي جمل المديح والإطراء من المدعوات خصوصاً على فستاني الذي ابتعته من باريس خصيصاً لهذه المناسبة ، تقدمتني في هذه الليلة والدتي رحمها الله ، وأخذت تنثر الورود، وبنات أخواتي يمشين معها وشقيقتاي هدى ولمياء.

أعمالها:

أثرت حماده الساحة الفنية الخليجية بمجموعة من الأعمال المميزة، على سبيل المثال لا الحصر: «مصاص الدماء»، «في بيتنا مرشح»، «خيران رايح جاي»، «البيت المسكون»، «وخر لا يعاديك»، «زمن دراكولا»، «عاشقه حبيبه»، «الدينار»، «حار»،» شربكة دربكة»، «الثعلب»، «حسام الدين في غابة التعابين»، «سالي». كذلك قدمت مجموعة من المسلسلات منها: «فتي الأحلام»، «سيدي الرجل ..لا»، «الطير والعاصفة»، «ميزان العدالة»، «الناس أجناس»، «بيت من ورق»، ومن السهرات «توبة»، وتمتعنا راهناً بأدوارها في مسلسل «أيوب»، وفي العمل التراثي الجميل « الداية».

شاركت حماده كبار نجوم الخليج في هذه الأعمال منهم: أحمد الصالح ، إبراهيم الصلال، جاسم النبهان، حياة الفهد، عبد الحسين عبد الرضا، وعملت مع مجموعة من المخرجين الكبار على مستوى الخليج والوطن العربي، من بينهم إياد الخزوز، وحسن إبراهيم وغيرهم.

ظلموها فقالوا

نفت حماده بشدة إشاعة تخلصها من الحمل مؤكدة حبها للأطفال، وقالت عن سبب عدم إنجابها حتى الآن: «وفقني الله بالحمل أكثر من مرة وواظبت على إبر «تثبيت الحمل»، لكنها لم تؤد مفعولها، هذه إرادة المولى سبحانه وتعالى».

جميل الباشا أوتار