في الأمس شاهدت مباراة ألمانيا والنمسا، التي خسرتها النمسا بهدف مقابل لا شيء، ولكوني من غير المتابعين لكرة القدم وغير العارفين بشؤونها، فقد سألت د.بيشو وهو خبير كروي كبير، عن أحوال منتخب النمسا الذي رأيته يبذل مجهودا خارقا ويخرج بالرغم من ذلك خاسرا، فعلمت منه بأنهم ليسوا فريقا مبهرا وأن مبارياتهم السابقة في هذه البطولة انتهت إحداها بهزيمة والأخرى بالتعادل.
اهتمامي بمنتخب النمسا جاء من باب أنه ذكرني بفريق السلف الذي يلعب في البرلمان هذه الأيام، فهم مثل النمساويين، لياقة عالية وركض «وسلايدات» وتسديد في كل اتجاه، ولكن بلا أهداف، وكثير من هجماتهم حتى الآن انكشفت «تسلل» ورفعت عليها الراية، وأولها زيارتهم الشهيرة لسمو الأمير لمحاولة إقصاء رئيس الوزراء.فريق السلف وبالرغم من دخولهم الملعب البرلماني بلياقة مرتفعة وحماس شديد، وبالرغم من صيحاتهم العالية في الملعب وصيحات مشجعيهم على المدرجات «في الصحف»، فإنهم لم يحققوا أي أهداف حتى الآن، بل تلقى دفاعهم هجمات مرتدة شرسة، تمكنوا من التصدي لبعضها بصعوبة وأسفر بعضها الآخر عن أهداف غير متوقعة، لعل أبرزها ضياع كرسي نائب رئيس البرلمان من كابتن الفريق اللاعب خالد السلطان!اليوم أيضا يتعرض فريق السلف إلى هجمة مرتدة ولكن أقوى من كل مرة، يشارك فيها أطراف متعددة، لا داعي لتعدادها لأنها لن تخفى على الجمهور الواعي.الهجمة هي ما أثير أخيرا عن ارتباط جمعية إحياء التراث الإسلامي «السلفية» بالإرهاب، وما تبعها من إجراءات الإدارة الأميركية لتجميد أرصدة وأموال هذه الجمعية ومنتسبيها بقرار صدر عن وزارة الخزانة الأميركية يوم الجمعة الماضي. ويستطيع المرء أن يتخيل مقدار الرعب والارتباك الذي تعيشه الجمعية ومنتسبوها من جراء هذا الموضوع، فقرار التجميد لا يشمل حسابات الجمعية فحسب، والذي هو أمر ثقيل الوطأة بذاته، إنما يشمل حسابات منتسبيها، الذين يعد كثير منهم من رجال المال والأعمال الممتدة نشاطاتهم التجارية إلى خارج حدود الدولة.أعتقد أن هذه الهجمة المرتدة المفاجئة، التي لم تكن من ضمن توقعات الفريق السلفي حديث التجربة، ستؤدي إلى انكماشه وتراجعه إلى الدفاع، وهو ما أظنه قد حصل فعلا، فكابتن الفريق خالد السلطان قد صرح منذ يومين مثلا بأن فريقه لا ينوي إثارة موضوع تعديل المادة الثانية من الدستور «حاليا»، وبذلك تخلى الفريق عن هجمة ذهبية يعرف الجميع كم هي أثيرة وشعبية عند جمهور هذا الفريق، وأن التنازل عنها ولو بمقولة «حاليا»، سيغضب الجماهير السلفية!هذه القصة ذكرتني بشيء مشابه حصل منذ سنوات، يوم قامت الحكومة بالتهديد بإغلاق فروع اللجان الخيرية وقامت بالفعل بإزالة الكثير من أكشاكها ومواقعها. يومها عقد اجتماع في ديوان النائب ناصر الصانع حضرته مختلف التيارات الإسلامية المرتبطة بالشأن، وكنت حاضرا، فتحدثت من جملة من تحدثوا وطرحت تساؤلا، لم يلقَ صداه آنذاك، وربما لم يفهم مقصدي منه حينها. قلت، هل جماعاتنا الإسلامية، جماعات خيرية تمارس العمل السياسي كنشاط إضافي؟ أم أنها جماعات سياسية تمارس العمل الخيري كعمل جانبي؟!كان مقصدي من السؤال حينها تحديد الهوية الأساسية للجماعات الإسلامية ودورها الرئيسي، وبالتالي تحديد ما يمكن أن تتنازل عنه هذه الجماعات لأجل هذا الدور الرئيسي في حال تعرضت لمثل هذا الضغط الشديد، واضطرت لذلك!لا أدري ما ستكون عليه خطة الفريق السلفي الآن، ولكن لا أشك في أنهم قد تعلموا للملاعب السياسية وللكرة البرلمانية فنوناً وألاعيب، ولن أستغرب إن رأيتهم ينكمشون عند خط الدفاع طوال الوقت المتبقي من المباراة، على أمل أن يطلق الحكم صافرته معلنا نهاية المباراة للخروج ولو بالتعادل!
مقالات
منتخب السلف... منتخب النمسا!
19-06-2008