الضربة الإسرائيلية المتوقعة!
يختلف العرب، كلهم أو معظمهم، مع إيران في أمورٍ كثيرة، لكنهم لا يمكن ان يقبلوا أن توجه إليها لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة ضربة عسكرية حتى إن اقتصرت مثل هذه الضربة على المواقع والمنشآت النووية، فالضرر في مثل هذه الحالة لن يقتصر على الأماكن المستهدفة، وهو سيشمل الشعب الإيراني كله... والشعب الإيراني رغم الخلاف والاختلاف مع قيادته يبقى شعباً شقيقاً تربط العرب به روابط تاريخية ودينية راسخة لا يمكن أن تزيلها تشوهات أي مرحلة من المراحل.قد تكون معلومات وتوقعات الـ" تايمز" البريطانية في أحد أعدادها الاخيرة، التي تحدثت فيها عن ان الجيش الإسرائيلي بات مستعداً لشن غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية صحيحة، ففي إسرائيل الآن حكومة عنصرية متطرفة، عنوانها بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان، ومن غير المستبعد ان ترتكب حماقة كهذه الحماقة التي يجري الحديث عنها، والتي إن هي ارتُكبت بالفعل فإنها ستقلب هذه المنطقة رأساً على عقب.
هناك الآن ما هو أكثر من الغزل وما هو أكثر من رسائل الغرام المتبادلة بين واشنطن وطهران... إن هناك مفاوضات سرية أميركية- إيرانية تجري في سويسرا منذ فترة سابقة بعيدة، وإن هذا هو الذي قد يدفع حكومة بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان إن هي شعرت بأن النتائج لن تكون كلها لمصلحة إسرائيل الى اتخاذ خطوة سريعة متهورة وتوجيه ضربة عسكرية صاعقة إلى منشآت إيران النووية. والسؤال هنا هو: هل تستطيع الولايات المتحدة يا ترى ان تضبط هذه الحكومة الإسرائيلية وأن تمنعها من القيام بعمل أحمق ومتهور إن هو تم بالفعل فإن تبعاته الكارثية لن تقتصر على هذه المنطقة، التي لأميركا فيها وجود بشري كبير من خلال وجودها العسكري في العراق وفي دول عربية أخرى، بل ستتعداها الى حيث للأميركيين مصالح حيوية في العالم بأسره...؟إنّ على الولايات المتحدة ان تضبط هذه الحكومة الإسرائيلية المنفلتة من عقالها، والتي إن هي قامت بما يجري الحديث به فإن الثمن الغالي الذي سيترتب على أي ضربة عسكرية لإيران سوف تدفعه أميركا، فمصالحها في هذه المنطقة حيوية وإستراتيجية، وجيوشها منتشرة في أفغانستان والعراق، والإيرانيون وغيرهم إن وقعت الواقعة قادرون على إلحاق أبلغ الأذى بهذه المصالح وقادرون على إرسال نعوش كثيرة الى كل المدن والمناطق الأميركية.ربما ان هذا الذي تحدثت عنه الـ"تايمز" البريطانية مصدره الإسرائيليون أنفسهم وهدفه الضغط على الأميركيين لمنعهم، وهم يواصلون اللقاءات السرية مع الإيرانيين، من إبرام أي صفقة على حساب إسرائيل وتطلعاتها المستقبلية في كل هذه المنطقة... لكن مع ذلك لابد من الأخذ بعين الاعتبار ان هناك الآن حكومة إسرائيلية مغامرة ومتطرفة، وأنها قد ترتكب حماقة كهذه الحماقة التي يجري الحديث عنها للهروب من استحقاق حل الدولتين وللإبقاء على الأميركيين في بيت الطاعة الإسرائيلي وعدم خروجهم منه.