كما ارتفعت أسهم الحل الدستوري صباح الأربعاء الماضي على وقع أزمة الاستجوابين، وكان الجميع يترقب صدور مرسوم الحل خلال ساعات، تراجع هذا الاتجاه بل وُئد بعد أقل من 24 ساعة، ليبدأ رواج معلومات باستبعاده آنياً لمصلحة تداول قرار اللجوء إلى إحالة الاستجوابين المقدمين من النائب فيصل المسلم ونواب «حدس» إلى المحكمة الدستورية للبت في مثالبهما الدستورية، وتدشّنت كذلك حملة حشد الدعم النيابي لمصلحة هذا الاتجاه الجديد، لتجاوز الأزمة رغم التعقيدات الأخرى الموجودة في المشهد السياسي الكويتي.

Ad

التغيير أو التبدّل السريع في التوجهات زاد الارتباك في الشارع الكويتي ولدى أصحاب الشأن السياسي، ولكن تفحّص التحركات الواسعة التي جرت خلال الأسبوع الماضي، لاسيما في اليومين الأخيرين منه، وطبيعة المنخرطين في العمل السياسي وذوي الصلة بالأزمة والمتعاملين معها، يوضحان أسباب تحولاتها السريعة وإسهام هؤلاء في تغيير مساراتها، ونستطيع أن نقرأ ذلك من خلال ثلاثة عوامل رئيسة ضمن نهج الحكم الذي يحرص على تحقيق شعار «لا غالب ولا مغلوب» بين تلك الأطراف المعنية بالعمل السياسي اليومي وواجهة الطقم السياسي في البلد.

العامل الأول يمكن تلمسه من خلال يقين سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد بأن خسائر الحل الدستوري سيقع جلّ حصادها السلبي عليه شخصياً منذ اليوم الأول لافتتاح الحملات الانتخابية، التي بدأت فعلياً من خلال تنظيم ندوات على عجل خلال الأيام الثلاثة الماضية شارك فيها عدد كبير من النواب بنبرة عالية، كما أن بعض مسانديه من أبناء الأسرة الذين رجّحوا خيار الحل غير الدستوري وتعطيل الحياة النيابية فترة محددة، لن يجدوا ما يقدمونه إليه بعد عدم الأخذ برأيهم في التعامل مع الأزمة، وسيجدون في دعم إعادة تسميته لرئاسة الحكومة الجديدة بعد الانتخابات حرجاً كبيراً لهم، وجرهم إلى صدام ومواجهات كبيرة مع عدد من النواب والكتل البرلمانية.

أمّا العامل الثاني فيكمن في رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي الذي يشكل استكمال ولايته الحالية أهمية قصوى لديه، ويعلم أن قاعدة «لا غالب ولا مغلوب» السائدة، ستستدعي سحب تأييد السلطة له من واجهة الطاقم السياسي إذا تم بحث خيارات اخرى لتسمية رئيس الحكومة التي ستعقب انتخابات جديدة، وهو ما يعني خسارته موقع 
رئاسة مجلس الأمة، لأن بقاءه سيمثل ترجيح طرف كان فترة في حال عدم انسجام مع المحمد ويمثل استمراره في سدة الرئاسة إخلالاً بقاعدة «لا مغلوب».

ويبقى العامل الثالث والأخير وهو الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) التي لا ترغب في انتخابات، لإدراكها مدى سوء وضعها في الشارع ولعلم ماكينتها الانتخابية بشدة الخسائر التي ستُمنى بها لو أجريت الآن، كما هي الحال لقوى سياسية أخرى، ولذلك فهي تسوّق للذهاب إلى المحكمة الدستورية في الكواليس وعبر مستشاريها المقربين لرئيس الحكومة، وتتمنى أن ينجح خيار الإحالة إلى «الدستورية»، حتى وإن كان نوابها الثلاثة سيصوّتون ضد هذا الخيار إن طُرِح في قاعة المجلس، ولكنها تتمنى أن تنجح السلطة في حشد مجموعة نيابية مريحة لتمريره.

هذه هي، وفق الأحداث والمعلومات، الأسباب التي أدت الى وأد الحل الدستوري الذي كان قاب قوسين أو أدنى، ولكنه أُرجئ لتداخل الأحداث، ومراجعة سريعة للحسابات من الأطراف المعنية بتطوراتها ساعة بساعة، ومع ذلك فإن الأحداث والمواقف التي استجدت خلال عطلة نهاية الأسبوع، وما سيُفتتح عليه الأسبوع الجديد من أحداث خصوصاً في ما يتعلق بقرار اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية بشأن مشروع قانون الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة، ومواضيع أخرى قد تستجد خلاله وقبل الجلسة المقبلة للمجلس في السابع عشر من الشهر الجاري، قد تعيد خلط الأوراق أو حتى بعثرتها لتعود جميع الخيارات المحيدة حالياً وليحدث غير المتوقع في هذا الأسبوع المصيري الذي قد يكون حافلاً بالأحداث الدراماتيكية.