والبرلمان من امامكم..
أكتب هذا المقال والأمور غامضة بالنسبة إليّ تماماً، والرؤية غائمة في البلد ككل.أكتب قبل أن أبادر بالاتصال والسؤال عن فحوى الأمر، أكتب وأنا خارج الكويت أساساً، لأنني اريد أن أكتب قبل أن أعرف، أريد لجماعتي أن يعرفوا كيف ينظر الشارع إلى طريقة تسييرنا أمورنا عندما يحكم أفراده، كما أفعل أنا الآن، على مجريات الأمور من واقع رؤيتهم الوضع العام، تلك الرؤية التي لا يتسنى لها قراءة داخلية لما يحدث بين أفراد انتماء سياسي معين.جماعتي هم الليبراليون الكويتيون الذين أحب أن أصدق من كل قلبي أنهم ما زالوا موجودين، وأنهم، أينما كان موقعهم في الحياة الكويتية، يطمحون، دونما يأس أو خوف أو طمع أو تردد، إلى كويت حرة ليبرالية يتسع صدرها لكل مواطنيها، أياً كان توجههم الديني أو اللاديني. لذا أسأل مجموعة منهم، إن وصل صوتي المتواضع، ماذا تفعلون أيها السادة في «التحالف الوطني الديمقراطي» في الوقت الذي تشتعل فيه الدنيا وتتناحر فيه السلطتان التنفيذية والتشريعية، ملقين بنا وبالبلد في غياهب مجهول مخيف؟ ها هم أعضاء الحكومة والمجلس يتجاذبون أطراف دشاديشهم الحريرية في محاولة لإحراز انتصار في لعبة «شد الدشاديش» والجائزة قيمة جداً، وفي عارض اللعب، تدخل سراويل الشعب في المباراة، فيوسعها الحريريون شداً وجذباً وتمزيقاً، تاركين هذا الشعب عاريا مكشوف العورات؟ ما الذي تفعلونه وقد انقلب كل من المجلس والحكومة على الشعب، يعرّضانه للتعرية أمام العالم كله، يتنازعان آخر ورقة توت دستورية تغطي عوراتنا السياسية؟
أنظر من بعيد بعين الشارع، فأرى النائب العزيز علي الراشد مصرحاً فيما يبدو دون تنسيق مع مجموعته من التحالف، وأرى التحالف يردّ إعلامياً على نائبه دون انتباه لأدنى درجات السرية الدبلوماسية المطلوبة في العمل السياسي. بالله عليكم أهذه حالة؟ في هذا الوقت العصيب الذي رمتنا أيامه في أيدي الجماعات الإسلاموية المتعصبة، الذين بدورهم قذفوا بنا في مستنقعات الطائفية، فغطى الطين ملامحنا، ولم نعد يميز بعضنا بعضاً، اللهم إلا من وضع اليدين إن كانتا صفاً على الجنبين، أو طياً على البطن.في هذا الوقت الذي اصطفت فيه الحكومة ومجلسها التعس صفاً واحداً على «دكة» المتفرحين، «يناظروننا» ونحن نتناحر طينياً، حتى اذا ما هدأت الخواطر، دفعوا لنا بمزيد من الطين اللزج لنكمل به لعبتنا العفنة، في هذا الوقت الذي تعرينا فيه، وتطيّنا، وتراشقنا وتباصقنا، تأتون أنتم لتزيدوا الطين بلة؟منذ متى أصبحت اللعبة السياسية بهذه السذاجة؟ ومتى أصبح مسموحاً لأعضاء تجمع سياسي متين أن يتقاذفوا الاتهامات والردود إعلامياً، في وقت تشتعل فيه البلد وتتضاءل فيه فرص الحريات والحقوق التي حملوا هم أنفسهم لواء الدفاع عنها؟ هلا انتبهتم إلى ما يحدث لنا وللحفرة العميقة التي نقف على أطرافها الزلقة، حيث يُنتظر أن تقبرنا وحرياتنا وديمقراطيتنا؟ أكن أكبر الاحترام للنائب والصديق الفاضل علي الراشد، وأحمل مودة الانتماء الفكري تجاه التحالف، وصديقك من صدقك.أنتم اليوم، من ضمن قلة قليلة من التجمعات السياسية، الأقرب إلى التمثيل الليبرالي في الكويت، وهذا الاختلاف الداخلي العلني ليس من الحنكة الحزبية السياسية في شيء.ليس هذا وقتا للغضب أو الاختلاف، مهما تعاظمت الأمور بيننا، بل هو وقت التسامح، وسعة الصدر والتفاهم الموضوعي الرحب، فإن ضاقت صدوركم، فالغضبة لها مسار واضح يجب، بحافز من دافع وطني، أن تسير فيه، بالضبط، عكس مساركم الحالي، للخلف در يا إخوان، العدو خلف ظهوركم.كاتبة كويتية[email protected]