وجهة نظر : شبه منحرف... الهيافة من دون محاولة ادّعاء

نشر في 17-10-2008
آخر تحديث 17-10-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين تعبّر كل لقطة في «شبه منحرف» عن «أنكم أمام فيلم هايف»، فهو لا يتحذلق ولا يدّعي شيئاً، وذلك يُحسب له، لكن ما يؤخذ عليه هو أن أصحابه أرادوا تقديم «فيلم خفيف» أو «فيلم تسلية»، إلا أنهم لم يتقنوا صنعه. يتميّز الفيلم من تلك النوعية بشروط، أهمها حدّ معقول من الإتقان الحرفي، ولا تعني «الخفة» أو «التسلية» الخلو التام من أفكار إنسانية بسيطة معقولة، ليست السينما «اللاشيء» جمالياً، وليست «اللاشيء» فكرياً، حتى لو كنا بصدد أفلام تجارية أو شعبية أو كما يقال «للتسلية البحتة». الحق أن «شبه منحرف» هو دون ذلك كله ولم يطبق أياً من تلك الشروط ولم يحقق، بالتالي، هدفه الأصلي، وهو الإمتاع لجلب الأرباح.

يحاول منتجو السينما المصرية المعاصرة الدفع بالوجوه الشابة، لتصبح هي نجوم المرحلة، بعدما طال مكوث الوجوه القديمة، بل وبعدما فقد بعض الوجوه الحديثة، خصوصاً في الكوميديا، بريقه ولم يعد لديه المقدرة على جذب الجمهور خلافاً للسنوات السابقة.

للإنصاف، يستحق الممثل الشاب رامز جلال، بطل «شبه منحرف»، المحاولة معه وتكرارها، فهو ممثل موهوب خفيف الظل، يمتلك القدرة على الأداء التلقائي ولديه حضور واضح. لا يشكل «شبه منحرف» المحاولة الأولى لتقديمه كنجم جديد يتحمل مسؤولية تصدّر فيلم، فقد سبقه فيلم «أحلام الفتى الطائش». بصرف النظر عن نتيجة هاتين المحاولتين، ما زالت تنتظره الفرص ويجب أن تكون أكبر وأفضل، لأنه، في رأينا، أحدث ظرفاء السينما المصرية وتحتاج هذه الأخيرة إلى ممثلين من طرازه.

الممثل الشاب المرح الذي نقصده، ليس هو الممثل الكوميدي، إنما الذي يستطيع أن يؤدي أدواراً جادة وغير كوميدية بروح خفيفة وظُرف طبيعي. كان لدينا في مراحل سابقة ممثلون من هذا الطراز، أبرزهم حسن يوسف وأحمد رمزي. إنهم عادة الشباب الذين يعبرون عن جيلهم بحيوية وأداء تلقائي محبّب، ويمكن أن تنقلب الفكاهة التي يقدّمونها في أي لحظة إلى أداء درامي مشحون (حسن يوسف في فيلم «خان الخليلي» مثلاً). نظن أن رامز جلال هو من هذه النوعية التي يفتقد إليها الفيلم المصري راهناً. يمكن أن نعتبر إذن أن الناحية الإيجابية في الفيلمين اللذين أدى دور البطولة فيهما هذا الممثل الشاب، هي الإصرار على إبرازه للاقتناع بموهبته، وهو أمر في محلّه، لكن يجب أن يكون ذلك من خلال سيناريو أكثر إحكاماً ولا يخلو من معنى، وإخراج يتمتع بالموهبة والمقدرة على حد أدنى من الإتقان. أما «شبه منحرف» فلم يتحقق فيه لا هذا ولا ذاك، أخرجه وليد محمود في أول تجربة له، وشارك في كتابته سامح سر الختم ووليد يوسف ومحمد نبوي.

ترجع استعارة عنوان الفيلم من الشكل الهندسي المعروف، إلى أن بطله ناصر (رامز جلال) كان على وشك الانحراف، فالمرأة التي أحبها، ليلي (زينة)، كانت تلجأ إليه وتستغلّه في تجديد شكل السيارات وتحويرها، وكان هو ماهراً في ذلك حتى أُطلق عليه «ناصر معجزة»، ولم يكن يعرف ـ إلا قرب النهاية ـ أن ليلي كانت تستغلّه لحساب عصابة يترأسها رجل شرير (غسان مطر الذي يؤدي الدور نفسه منذ عشرات السنين)، فتعترف له أنها اضطرت للقيام بذلك تحت ضغط الحاجة والفقر، وأن العصابة استغلت ظرفها وضغطت عليها بمختلف الوسائل، حتى رضخت. يلقي البوليس القبض على العصابة أخيراً، فيغضب رئيسها ويستسلم، ويمرح الحبيبان ويضحكان ويغنيان. للممثلة زينة حضور على الشاشة وتتمتع بـ «روح حلوة» بدورها، رأيناها في دور آخر أهم نسبياً في موسم 2008 في فيلم «كابتن هيما»، لكننا نظن أنها تستحق أدواراً أكثر نضجاً تؤكد عبرها مدى موهبتها التي لاحظناها في بعض المسلسلات التلفزيونية.

يشارك في «شبه منحرف» حسن حسني ومحمد شرف وإدوارد وغيرهم، لكن لا أثر حقيقياً لموهبة أي ممثل، ولا نلحظ وجود نص أو إخراج حقيقيين. لذلك لم نعثر على فيلم جدّي، حتى لو كان خفيفاً أو للتسلية فحسب.

back to top