تمر الرياضة الكويتية بفترة جافة تعد الأسوأ خلال الأربعين عاما الماضية في ظل استمرار الإهمال الحكومي، وتدخل بعض أعضاء السلطة التشريعية بهدف عرقلة النشاط الرياضي النسائي في الكويت من منطلق ديني اجتماعي، بالإضافة إلى ضعف الكوادر الإدارية وافتقادها الخبرة الكافية التي تؤهلها لقيادة الرياضة الكويتية.

Ad

تعاني الرياضة النسائية الكويتية مشاكل عدة منعتها من اداء دورها التنموي والحضاري والصحي بشكل واقعي تجاه شريحة تمثل اكثر من نصف المجتمع الكويتي، وأعاقت مسيرة نموها وتطورها نحو خدمة تطلعات وطموحات المرأة الرياضية، وتعددت العوامل التي اعاقت الرياضة النسائية وادت الى تأخر ركبها عن مثيلاتها في معظم دول الخليج العربي على الرغم من انها كانت صاحبة السبق على مستوى المنطقة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وتكفي الاشارة الى ان اول ميدالية ذهبية للكويت في تاريخ مشاركاتها في الالعاب الآسيوية تحققت على يد احدى فتياتها.

عضو اللجنة النسائية في الاتحاد الكويتي لكرة القدم فاطمة حيات، أكدت أنه لا يوجد في الكويت على الاطلاق رياضة نسائية، مرجعة ذلك إلى تآكل البنية التحتية للرياضة الكويتية بصفة عامة والرياضة النسائية بصفة خاصة، وأضافت حيات في حديثها لـ«الجريدة» أنها ضد فكرة إنشاء اتحاد نسائي يكون هو المسؤول عن الرياضة النسائية في الكويت، لان هذا تفكير رجعي ومتخلف، ومن غير المعقول أن يكون هناك اتحاد لكل نشاط رياضي على حدة، وخير دليل على ذلك أن اتحاد كرة القدم في أي دولة هو المسؤول الاول والاوحد عن تبني ودعم جميع الانشطة والالعاب الرياضية ذات الصلة بكرة القدم، سواء كانت كرة قدم شاطئية أو كرة قدم للصالات أو كرة قدم نسائية، وأوضحت حيات أن اللجنة الكويتية للرياضة وللمرأة، هي المسؤول الاوحد عن جميع الرياضات النسائية في الكويت، وهذا خطأ فادح، ويعد من أكثر الاسباب التي أدت إلى تراجع الرياضة النسائية في الكويت، لان جميع الدول المتقدمة رياضياً لديها مؤسسات على مستوى عال من الكفاءة والخبرة الإدارية، تكون هي المسؤول الاول لخدمة جميع الانشطة والالعاب الرياضية المختلفة، وقالت: إنه رغم وجود بطلات كويتيات في رياضة الرماية وركوب الخيل والتنس الارضي وغيرها من الالعاب الرياضية الاخرى، لكن جميعها بمجهود فردي من الاهل مع دعم قليل من الاتحادات الرياضية أو من الدولة، مناشدة جميع الاتحادات الرياضية الكويتية ضرورة تقديم الدعم المباشر الى الرياضيات الكويتيات والحرص على المشاركة الجادة في جميع الدورات الرياضية التي تقام على المستوى القاري أو العالمي، لافتة إلى أن المرة الوحيدة التي تفوقت فيها الرياضة النسائية في الكويت عندما كان هناك تبن ودعم مباشر من قبل الاتحاد الكويتي.

تراجع الرياضة النسائية

واعتبرت حيات أن ضعف الهيكل الاداري وانعدام الرؤى والخطط المستقبلة وعدم وجود برنامج واضح وتآكل البنية التحتية للرياضة الكويتية عامة والنسائية خاصة وهيمنة بعض الشيوخ على الرياضة ومشاكلهم وصراعاتهم الشخصية خرب الرياضة في الكويت، وجعل عدوى الرياضة الكويتية المريضة تصيب الرياضة النسائية، ومشاركاتنا الاخيرة في جميع الدورات والبطولات القارية أو العالمية دليل واضح على التراجع والتأخر الذي وصلت اليه الرياضة الكويتية، حتى أصبحت مشاركاتنا تحصيل حاصل وإثبات حالة، أي لمجرد المشاركة فقط وليس لرفع اسم الكويت عالياً قارياً وعالمياً، مشددة على ضرورة إنشاء فرق رياضية نسائية في المدارس والجامعات مع عمل دراسة جادة من قبل الاتحادات المسؤولة عن الالعاب الرياضية المختلفة، لتقييم الوضع الاداري للرياضة الكويتية، ووضع برنامج إصلاحي من قبل متخصصين رياضيين لمدة لا تقل عن 10 سنوات لإقرار الحلول المناسبة التي تساهم في نهضة الرياضة الكويتية بصفة عامة والرياضة النسائية بصفة خاصة. وأضافت حيات أن الرعاية المباشرة التي كانت تحظى بها الرياضة النسائية في الكويت من الاندية الكويتية الكبرى في حقبة السبعينيات، كنادي العربي ونادي القادسية ونادي الكويت، من أهم أسباب نجاح الرياضة الكويتية عامة والرياضة النسائية خاصة، ولكنها بدأت في التراجع عندما تم فصل الالعاب الرياضية وتقسيمها إلى العاب خاصة بالرجال والعاب خاصة بالنساء، لاسيما احتكار بعض الاندية من قبل الرجال فقط، ما أدى إلى تراجع الرياضة النسائية.

التيار السلفي... والرياضة

وأعتقدت حيات أن طغيان التيارات السلفية وهيمنتها وسيطرتها على المجتمع الكويتي من جانب، وقلة وعي المجتمع وعدم درايته بأن ممارسة الرياضة حق أصيل من حقوقه من جانب آخر، أثر بالسلب في الرياضة النسائية في الكويت لما يبثه التيار السلفي في عقول المواطنين بأن ممارسة الالعاب الرياضية المختلفة هي حق للرجال فقط، وأن أي ممارسات رياضية نسائية يجب أن تمارس في الصالات المغلقة البعيدة عن التجمعات، فكيف إذن نستطيع ممارسة الرياضة في المحافل الدولية التي تضم لجان تحكيم معظمها من الرجال، وتكون تحت مرأى ومسمع من العالم أجمع، مضيفة أن المنتخب الايراني لكرة القدم النسائية يعد من أفضل المنتخبات في القارة الآسيوية، ولكن للاسف لا يستطيع المشاركة دولياً بسبب التشددات التي يقابلها من الدولة، والتي جميعها غير مبررة ولا منطقية وتعد ضد مبدأ الحريات، وأوضحت أن هناك بعض الرياضات تحتاج الى مشاركة فعلية من الرجال، على سبيل المثال كيف نخرج جيلا من الرياضيات في كرة القدم إذا لم نستعن بمدرب رجل، ولكن وللاسف هذا ممنوع، رغم عدم وجود أي نصوص قانونية تمنع المرأة من المشاركة في الالعاب الرياضية أو المشاركة كعضو مجلس إدارة في أحد الاندية، ولكن وللاسف الاعراف والعادات والتقاليد في الكويت طاغية على القوانين بل إنها أقوى من القانون نفسه.

الهياكل الإدارية الرياضية

وبينت حيات الهياكل الادارية التي تقود الرياضة النسائية في الكويت وهي هيئة الشباب والرياضة، ونادي الفتاة الذي اعتقدت انه ناد اجتماعي أكثر منه رياضي، واللجنة النسائية الكويتية للرياضة والمرأة، ولجنة الرياضة النسائية في دول مجلس التعاون الخليجي وهي لجنة حديثة العهد، والتي أقيمت البطولة الخليجية الرياضية النسائية الاولى في الكويت ودول مجلس التعاون احتفالاً بها، ولكن وللاسف لا يوجد من بينها لجنة متخصصة في الرياضة النسائية، تستطيع أن تقوم بالدور المطلوب ودعم الرياضة النسائية في الكويت. وعن اهتمام أعضاء مجلس الامة بدعم الرياضة النسائية في الكويت قالت: هناك عضو واحد في مجلس الامة هو المهتم بالرياضة النسائية وهو النائب علي الراشد وله 5 اقتراحات للرياضة النسائية منها إنشاء حرم الشويخ مدينة رياضية نسائية وتعليم كرة القدم في مناهج الثانوية العامة، وأضافت أن الرياضة الكوتية تحتاج إلى شرفاء قادرين على قيادتها ويخافون عليها، والكويت مليئة بالمواهب والكوادر الإدارية ذات الكفاءة والخبرة العالية، والتي تملك القدرة على اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة الرياضة الكويتية، بجانب الوفرة المالية التي تعيشها البلاد، فما المانع أن يكون في الكويت مدرسة رياضية متخصصة مثل «اسبير اكاديمي» في دولة الامارات.

مشاكل الرياضة النسائية الكويتية

وذكرت حيات أن المشاكل التي تعانيها الرياضة النسائية في الكويت هي نفس المشاكل التي تعانيها الرياضة الكويتية عامة، من خلافات بين القيادات وضعف الكوادر الادارية ووجود أشخاص غير فاهمين وتنقصهم المعرفة والدراية والخبرة للقيادة، مرجعة ذلك إلى سوء الاختيارات التي تتم على أساس النعرة العائلية والمحسوبيات والمصالح الشخصية بجانب أسلوب الترضيات المتبع في اختيار وتعيين الاداريين في المناصب الادارية الرياضية المختلفة، وأضافت ان الادارة فن له قواعد وأصول، وقد تكون رياضيا ناجحا ولكنك إداري فاشل في نفس الوقت كل هذا أدى إلى تراجع الرياضة الكويتية، لاسيما الاحباطات الكبيرة التي يواجهها الرياضيون الكويتيون، لافتة إلى أن الكويت شاركت في البطولة الآسيوية الماضية في سبع رياضات مختلفة، وقد اعتذرت لاعبة من المشاركات في لعبة التنس الارضي عن استكمال إحدى مبارياتها، لهزيمتها في مجموعتين متتاليتين 6 - صفر، و6 - صفر، خلال 20 دقيقة فقط، وهذا دليل واضح على مدى الاحباط الذي وصل اليه اللاعبون وضعف الاعداد الفني والنفسي لهم.

دعم دولي وعقبات محلية

وأكدت حيات أنه لولا الضغوط التي يمارسها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، على الاتحاد الكويتي لكرة القدم، وتهديده المستمر بإيقاف النشاط الرياضي وإلزامه بإنشاء فريق لكرة القدم النسائية، لم يكن هناك من الاساس أي اهتمام ولا دعم من قبل الاتحاد الكويتي أو تفكير في قيام رياضة نسائية في الكويت، وقالت: علاقتي بالاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جيدة جداً، والاتحاد الدولي يدعمنا مادياً ومعنوياً، بينما يقف الاتحاد الكويتي حائلا وعقبة أمام نشر اللعبة، مؤكدة أنها ماضية في تحقيق حلم الكويتيات بتشكيل منتخب وطني نسائي لكرة القدم يفخر به كل كويتي. وأوضحت حيات أن الجمعية العمومية للاتحاد الكويتي لكرة القدم وافقت على النظام الاساسي الذي أقرته المحادثات التي تمت بين «الفيفا» واللجنة الانتقالية، وكان من أهم بنودها إنشاء فريق لكرة القدم النسائية، وأضافت بعد بطولة بكين وأثناء انتخابات للاتحاد الكويتي لكرة القدم كان من الضروري أن تكون هناك لجنة نسائية لكرة القدم وأن تكون رئيسة اللجنة عضوة في الاتحاد الكويتي لكرة القدم، وأقرت أنه في خلال سنة يجب إعلان فريق رسمي لكرة القدم النسائية في الكويت، اللاعبات يردن منتخبا وطنيا لكرة القدم النسائية، ولكن هناك بعض الاشخاص في الاتحاد يريدون منتخب صالات مغلقة، لانهم خائفون ويخافون التيار السلفي ويخشون ردة فعله.

تراجع رقابي

أوضحت فاطمة حيات أنه منذ سنتين كانت وزارة الشؤون ترصد للاتحاد الكويتي مليونا و400 الف دينار، للإنفاق عبر الالعاب الرياضية المختلفة، كان ينفق منها 700 الف دينار معاشات فهل هذا معقول؟ موجهة اللوم إلى الدولة ووزارة الشؤون لتقصيرهما في الرقابة على مصروفات الاتحاد، وأين تذهب مخصصاته المالية؟ لان انعدام الكفاءة الادارية عاملا أساسيا في ضياع جميع المخصصات المالية التي ترصدها الدولة للاتحادات الرياضية المختلفة، وقالت إنها منذ 3 سنوات وهي تحاول إنشاء منتخب وطني للكرة النسائية، وإنها اجتمعت 5 مرات مع وفود من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ووضعوا خطة إستراتيجية مستقبلية لمدة سنة رصد الاتحاد الدولي خلالها 400 الف دولار للرياضة النسائية في الكويت، ليتم من خلالها إصلاح البنية التحتية لها وإظهارها إلى النور، وأضافت أنه تم أخذ موافقة الاتحاد الكويتي لكرة القدم _قبل أن يحل_ ولكن وللاسف اللجنة تم حلها ولم تستكمل أعمالها بسبب عضوة في اللجنة وليس من قبل الاتحاد الدولي.

اللجنة النسائية لكرة القدم

ذكرت فاطمة حيات أنها قدمت أكثر من خطة واضحة للاتحاد الكويتي لكرة القدم، لرئاسة اللجنة النسائية لكرة القدم لمدة سنة يتم من خلالها التجهيز لإنشاء فريق كرة قدم للكرة النسائية يضم مدربا وطاقما رياضيا كاملا وجميع احتياجات الفريق، بالإضافة إلى بعض الاقتراحات لإنشاء ملعب خارجي بعيداً عن الاماكن العامة ليعطينا حرية أكبر في التدريب، ولكن للاسف لا يوجد اهتمام حقيقي أو خبرة كافية لإدارة مثل هذا الفريق، واضافت حيات أنه قد وصلت الينا دعوة من الاتحاد الدولي لكرة القدم الى حضور المؤتمر الدولي لنشر كرة القدم في الدول الاسلامية، وحضرت أنا والشيخة نعيمة ومن بعدها قررنا انشاء منتخب وطني لكرة القدم النسائية، لانه واجب وطني لان كل الدول الاسلامية والعربية لديها منتخبات نسائية، عدا المملكة العربية السعودية، لاسيما أن وضع الكويت المادي أفضل من معظم الدول العربية والاسلامية الاخرى.