نور ولميس ... وفتوى آل الشيخ!
ترى كم شخصاً أمسك بـ«الريموت كنترول» وأخذ يقلب في محطات تلفزيون منزله بحثاً عن «نور» و«لميس» بعد فتوى مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ؟ وهل جاءت نتيجة الفتوى سلبية أم إيجابية؟
شخصياً، لا أتابع أياً من المسلسلات التلفزيونية، بحكم الارتباطات العملية والاجتماعية، وما إن يتوفر لي وقت أمام الشاشة الفضية، فإن متابعة نشرة إخبارية أو مباراة لكرة القدم، يكون هو خياري المفضل. منذ يومين دفعني الفضول إلى متابعة حلقة من مسلسل «نور» وكذلك مسلسل «سنوات الضياع» التركيين اللذين تعرضهما شاشة الـ«إم بي سي»، إثر الفتوى التي أصدرها مفتي عام المملكة العربية السعودية عبدالعزيز آل الشيخ، حيال ما يتضمنه مسلسل «نور» تحديداً من سلبيات، حسب الفتوى التي تناقلتها وسائل الإعلام بإسهاب كبير.تُرى كم شخصاً مثلي على مستوى الوطن العربي دفعه الفضول إلى مشاهدة المسلسل بعد الفتوى؟ إن قلنا آلاف، فإننا نقزم عقولنا، فالرقم بكل تأكيد قد يتجاوز مئات الآلاف، إن لم يدخل في خانة الملايين أصلاً. وهنا يقفز تساؤل مهم إلى الواجهة، ترى كم نسبة مَن قاطع متابعة المسلسل، مقابل من بدأ يشاهده بعد الفتوى؟ وهو ما يجرنا إلى التساؤل الأهم: هل جاءت نتيجة الفتوى سلبية أم إيجابية؟ والإجابة عن هذا التساؤل هي المحك في الحكم على الأمور، لأننا نتحدث عن لغة أرقام نادراً ما تخطئ، لا عن عواطف وأمنيات.ولأن الأمثلة تُضرب ولا تقاس، فإنني مازلت أتذكر عدداً من الفتاوى لبعض رجال الدين، عن «الدش» وتقنية «البلوتوث»، عندما أصبحتا واقعين في حياة مجتمعاتنا، فتلك الفتاوى حينها دارت في فلك التحريم والتأثيم لمَن شاهد أو استخدم، الآن كيف يبدو الوضع؟ بكل تأكيد اختلفت تماماً، حتى ان رجال الدين أصبحوا نجوماً على الفضائيات التي تدخل بيوتنا عبر ذلك «الدش» الذي «حرَّموا استخدامه» يوماً ما، بل باتوا من أصحاب الملايين بفضل إطلالتهم الفضائية، مع تنزيهنا الكامل لسماحة المفتي آل الشيخ -شخصاً ومقاماً- من الانتساب إلى تلك «الجوقة».إن ما نعيشه من ثورة معلوماتية، وفضاء مفتوح، ووسائل تكنولوجية جعل من العالم المترامي الأطراف، بمنزلة قرية صغيرة، تجعل التركيز على تشكيل ثقافة المجتمع وفق أساس صلب، يقوم على الشفافية وغرس مفاهيم القيم السليمة والصحيحة لدى أفراده منذ الصغر، عبر إعمال العقل، لا التلقين، وبالتالي القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، أجدى وأكثر تأثيراً من لغة «الترهيب» و«الترغيب» من خلال التوسع في إصدار الفتاوى، خصوصاً أننا -في ما يتعلق بالمسلسل وتحريمه- لا نتحدث عن ممارسة أو سلوك دائمين، بل عن مجرد مشاهدة لعمل تلفزيوني محدود بزمن وبوقت عرض محددين، ويمكن من خلال وسائل أخرى غير الفتوى، أن نوصل الرسالة إلى الشريحة المستهدفة.على كلٍ... لست هنا بصدد تقييم المسلسلين، وما إذا كانا جيدين أم سيئين، فلكلٍ وجهة نظره، وما قد يعجب به زيد، ليس بالضرورة أن يحظى برضا عمرو، لكنني معني بطرح تساؤل أمام الجميع، مفاده، ترى كم شخصاً أمسك بـ«الريموت كنترول» وأخذ يقلب في محطات تلفزيون منزله بحثاً عن «نور» و«لميس» بعد الفتوى؟