بالرغم من كل الترديد الإعلامي، وتكرار التطمين من أن الحل غير الدستوري غير قابل للحصول لهذا السبب أو ذاك، فإنه لا يمكننا أن نجد شخصاً، يجزم واثقا بأن ديمقراطيتنا بالفعل محصنة ضد هذا الحل!

Ad

كل مَن يمتلكون القدرة على النظر إلى ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، يقفون وبشكل مبدئي راسخ ضد الحل غير الدستوري، لكن مَن يمتلك قليلا من الحصافة السياسية وحسن تقدير لأبعاد المساحة الديمقراطية التي كنا وما زلنا وسنبقى إلى زمن غير قصير نتحرك فيها، يدرك أن الحل غير الدستوري قابل للحصول.

التسريبات الغريبة المريبة التي خرجت عن اجتماع أبناء الأسرة، والتي تستحق بذاتها وقفة للتأمل والتفكر في كيفية حصولها ووصولها إلى كل الناس حتى قبل أن ينفض الاجتماع، أقول إن هذه التسريبات التي خرجت لتقول إن فلاناً وفلاناً وفلاناً من الشيوخ كانوا ممَن طالبوا بالحل غير الدستوري، أثارت حفيظتنا بطبيعة الحال، بل دفعت بعضنا إلى ما هو أكثر من ذلك حتى أن النائب أحمد المليفي قرر العودة إلى ركوب قطار الاستجوابات السريع بعدما ظن القوم أنه قد ترجل منه فعلاً يوم أعلن أنه لن يستجوب رئيس الوزراء، لكن الظاهر أن النائب العزيز قد خشي أن يفوته القطار وأن تصل الأمور إلى محطة الحل (بشكل من شكليه) دون أن يكون اسمه من ضمن النواب الذين لوَّحوا بالاستجوابات للرئيس أو لوزرائه!

نعم نحن نرفض أن يدفع شيوخ ما إلى الحل غير الدستوري لأننا نرفض التنازل عن مكتسباتنا الدستورية، لكنني شخصيا لا أصل إلى مرحلة «تخوين» هؤلاء الشيوخ وإظهارهم بصورة أعداء الديمقراطية والشعب، كما يحلو للبعض أن يكتب هذه الأيام!

أقول هذا لأن هؤلاء الشيوخ الذين طالبوا بالحل غير الدستوري ليسوا وحدهم على ذلك، بل هناك آلاف مؤلفة من أبناء الشعب نفسه صاروا يطالبون بذلك، ولا يظنن أحد منكم بأن هذه الآلاف من الناس هم من رعاع القوم وعامتهم، بل إن فيهم كثيراً من المثقفين وأصحاب الشهادات والمناصب بل عليَّة القوم، لذلك ليس من الإنصاف أن ننظر إلى الشيوخ المطالبين بالحل غير الدستوري بعين تراهم أعداء للديمقراطية، وأن ننظر إلى هؤلاء الآلاف من الناس من أهلنا بعين أخرى!

لم أكن لأدافع عن الشيوخ، ولو كنت مدافعاً عن أحد منهم لما دافعت عن هؤلاء، وبالأخص في هذا الموقف، لكنني أدافع عن التفكير الموضوعي والمنطقي. لذا فالسؤال الجدير بالطرح هنا، ما الذي أوصل قطاعاً كبيراً من الناس، شيوخاً وغيرهم إلى الكفر بالديمقراطية والبرلمان والمطالبة بحله حلا غير دستوري، بل وصول بعضهم إلى المطالبة بإلغائه تماما؟! إنها الأزمات المتلاحقة والاختناق المستمر والشلل الذي أصاب كل شيء من حولنا دون شك!

إذن ومادام الأمر كذلك، ومادام الحل غير الدستوري قابلا للحصول بغطاء شعبي عريض يمكن توسعته بطرق عديدة، لا داعي للخوض فيها حتى لا نزيد الجراح عمقاً، فهل يصلح أن نعالج الأمور بالمناطحة السياسية ومزيد من التصادم والتأزيم وتكثيف الاستجوابات (على الفاضي والمليان) أم بالعقل والحكمة والتهدئة ومسك العصا من المنتصف؟! أترك الإجابة لأصحاب العقول والنهى، وإن كنت لا أدري أين هم اليوم!!

***

ضحكت كثيراً، وكثيراً، حتى قفزت الدموع من عيني فاختلط عليَّ الأمر إن كانت دموع ضحك أم حزن، حينما قرأت خبر أن وزير النفط الشيخ أحمد العبدالله قد نفى عن نفسه تهمة أنه طالب بالحل غير الدستوري «بمسج» أرسله إلى النائب أحمد المليفي، فعلاً فعلاً، «ما فيش فايدة يا صفية، غطيني وصوتي عليا»!!