منصور العصيمي: العقار يداوي نفسه... والمقارنة بين دبي والكويت في الأسعار والإيجارات غير عادلة رئيس لجنة التثمين ونزع الملكية لـ الجريدة: ما يُتداول من أرقام عن القيمة الإيجارية غير دقيق

نشر في 25-12-2008 | 00:00
آخر تحديث 25-12-2008 | 00:00
No Image Caption
من المفارقات ان قيمة الإيجارات في الكويت لاتزال مرتفعة ولم تساير الانخفاضات الحاصلة في مختلف قطاعات الاقتصاد، سواء كانت نفطية، أو استثمارية، أو أسواق مال، أو حتى الانخفاض في أسعار مواد البناء، الذي وصلت نسبته في بعض المواد إلى حدود 66 في المئة مثل الحديد.

«العقار يمرض ولا يموت» قاعدة انطلق منها رئيس لجنة التثمين ونزع الملكية في الدولة منصور العصيمي، إلى قاعدة أخرى مفادها ان «العقار يداوي نفسه بنفسه».

هي كلمات ابتدرنا بها في حديثه إلى «الجريدة» مركزاً في جملة ما تناوله على ان اسعار العقار في الكويت والايجار لها وضع خاص جعلها بعيدة عن التأثر الكلي بما حصل في المنطقة، وان ما يتداول من أحاديث وأرقام حول القيمة الايجارية لا تتعدى كونها أرقاما تطلق جزافاً دون وجود تدقيق فيها، فهي محض اقاويل تفتقر الى الحجة والبرهان، وهي أيضاً جملة من الآراء لا تعكس بالضرورة واقع حال السوق العقاري بكل قطاعاته الاستثماري والتجاري والسكني... إلخ.

وفرة مكاتب أم حالة عامة راهنة؟

تساءل العصيمي في معرض حديثه الينا عن سبب الحالة العقارية التي تشهدها المنطقة، وهل هي بسبب زيادة الوفرة في المكاتب، ومن هذا المنطلق نزلت الايجارات ام هي انعكاس للحالة الراهنة للعقار العالمي؟

وقال العصيمي ان المستأجر في الكويت لم يعد مستأجرا تقليديا مقتصرا على العمالة فقط، بل أضحى متنوعاً ما بين شركات ومستشارين ومعاهد صحية أو مدارس أو جامعات خاصة.

الأرقام ودقتها

ودعا العصيمي العقاريين الذين يرون في أنفسهم انهم يفهمون انهم ملمون كثيرا بأخبار عالم العقار ومداخله ومخارجه، الا يأتوا بأرقام من امهات خيالاتهم، فيحددون اسعار المواقع والامتار المربعة هنا وهناك دون وجود بيوع.

وبين بالقول: «إننا إذا أردنا تحديد الاسعار فإننا نحددها بناء على بيوع، وبالتالي ينبغي ان يكون البيع بين طرفين اعتباريين، خارج نطاق المبادلات، سواء كان بين تاجرين أو شركتين أو جهتين مرموقتين يكونان محل ثقة المتداولين مع وجود نوع من التحفظ على بعض المبيع الذي يتم نتيجة المبادلات».

وأكد أن السوق قد يكون في هذه الاوقات فيه شيء من الحساسية أكثر من أي وقت مضى فيما يوجب ملاحظة هذه الجزئية عند حديثنا عن العقار.

وقال: «إن السوق حساس وراكد ومن العقل بمكان ان يتريث التاجر أو الشركة ومراقبة ما يحصل في السوق العقاري، خصوصا السوق على وجه العموم

والا يعرضوا شيئا من العقارات بكل أنواعها، لأن من الخطأ عرض العقار في ظل شح السيولة (فلا لبن من جمل!).

وقال ان الناس هذه الايام تعيش حالة من الذهول والهلع لما يحصل في السوق، لذا فإن المراقبة هي اجدى من استثمار الدينار بالسوق في الوضع الراهن.

وختم بالقول: «قتل الخراصون» في اشارة الى الذين يأتون بأرقام واحصاءات من امهات الخيال دون اللجوء الى بيانات دقيقة، والتأكد من تلك الارقام وفق البيانات الوقعية الاكثر قرباً من الصواب.

عجلة التمويل!!

تمنى العصيمي لو تستمر عجلة التمويل بالدوران، مشيراً إلى ان من المفترض استمرار التمويل خصوصا في مثل وضع الأبراج المنشأة حديثا، التي وصل بناؤها الى حد الهيكل، «فهذه ينبغي دعمها».

وأضاف أن المفترض الضخ في سوق العقار مثلما يتم الضخ في سوق الاسهم كما هو الحال في المحفظة المليارية، وهذا «إذا احتاج سوق العقار الضخ».

ولفت إلى أن المستثمرين العقاريين، أفراداً وشركات، يعيدون ترتيب اوراقهم في حالة المبيع والاندماج ودخول شركاء جدد... الخ، بالطرق المناسبة لهم.

ونوه الى ان من المفترض اللجوء الى الضخ في سوق العقار لشركات العقار او للصناديق التي تمول سوق العقار بطرق سليمة.

البقاء... للأرض

أكد العصيمي ان البقاء للأرض على طول المدى، فهي قابلة لتغيير نمط التخصص فيها كما هي قابلة لتغيير نسبة البناء من عقد الى عقد، ووصف العقار بأنه «يداوي نفسه».

وقال ان الارض في هذه الايام وعلى مر الزمان تشكل الهالك الاكبر من نسبة المشروع وهي الاغلى، وذلك باختلافها من مكان إلى مكان ومن مشروع الى آخر.

وان نسبة تكلفة الارض الى البناء تشكل نحو 75 في المئة منه، وهذا شيء طبيعي وبديهي «ونحن ان تركنا العقار لنفسه فهو يداوي نفسه بنفسه مع القليل من الصبر».

وأشار الى ان سوق العقار يصيبه هذا النوع من الركود بين الفينة والفينة، وهو نوع من الخلل بالطبع ولكن لا يدوم. لافتاً إلى ان هذه الحالة عاشها السوق العقاري في الكويت في فترات سابقة كعام 1967، وفترة الثمانينيات بنزول اسعار العقار والركود ايضا، ثم عاد الى النشاط مجددا بظهور معطيات جديدة ساهمت في تفعيل هذا النشاط. وبين ان من بين تلك المعطيات تدفق الأموال الخليجية الاقليمية الى الكويت، اضافة الى اسعار النفط، والثقة في الاقتصاد الكويتي بالنسبة للمستثمرين في الكويت ودول المنطقة.

البيروقرطية سبب هجرة الشركات!

نقرأ ونسمع عن هجرة رؤوس الاموال. ونقرأ ونسمع عن ظهور مشاريع عملاقة لشركات كويتية خارج حدود الدولة، ولكن ما السبب والدافع الذي افرز هذه الظاهرة؟ إن السبب حسب رأي العصيمي يكمن في الروتين الذي تحياه مؤسسات البلد التي ترهق كاهل الراغبين في استخراج ولو ترخيصا لمشروع، بينما في الخارج السهولة واليسر كانا عاملي جذب لرأس المال الكويتي وللمشروعات الضخمة للشركات الكويتية هناك.

وفي المقابل أكد العصيمي ان الكويت ستظل المرجع الأخير والوحيد لكل الشركات الكويتية ولرأس المال الكويتي مهما هاجر وخرج.

نظام الـ«بي أو تي»

أكد العصيمي ايضا بالنسبة لمشكلة مواقف السيارات ان الدولة لم توفر مشكورة، جهداً إزاء المشروعات الكبرى إلا ووفرت له، وفق نظام (العرصة)، مواقف سيارات تسثتمرها الجهة صاحبة المشروع فترات مختلفة تتراوح بين 20-30 سنة تقريبا، ثم تؤول ملكيتها الى الدولة او تعرض في المزاد العلني لإرسائها على جهة اخرى أو إرسائها على الجهة ذاتها. وأكد ان الدولة لم تقصر أبداً وعلى الدوام في توفير مواقف السيارات للمشروعات الحيوية، رغم ارتفاع اسعار الاراضي.

التثمين مورد وحيد في الماضي

أشار العصيمي الى ان الثمين كان في البداية يمثل النشاط الاوحد الذي يعتمد عليه في قطاع العقار، هذا في بداية الامر ومنذ الخمسينيات الى ما قبل احتلال الكويت، لافتاً إلى انه كان يحسب لحركته حساب في الثواني والدقائق.

ولفت الى ان الوضع اختلف هذه الايام، إذ ارتاحت الدولة من عمليات نزع الملكية في ظل وجود شركات كبرى لاعبة في السوق ذات ملاءة مالية قوية، اضافة الى وجود تجار من ذوي الاختصاص بالعقار.

قانون الـ«بي أو تي» الجديد

أكد العصيمي انه من مناصري القانون الجديد الحامل للرقم 7 أو ما اصطلح تسميته بقانون البناء والتشغيل والتحويل الـ«بي او تي».

وأوضح انه رغم انه مع هذا القانون فإنه ليس مع تحديد المدة الزمنية لجميع المشروعات بفترة زمنية واحدة كبر المشروع ام صغر.

وقال إن ثمة مشاريع تحتاج إلى فترات زمنية طويلة لانجازها فقط قد تستغرق نسبة من المدة المحددة للاستغلال، داعياً إلى اعادة مراجعته للضرورة.

البنوك وشركات التمويل أسكنت 250 ألف مواطن

وصف العصيمي منع البنوك والشركات التمويلية من التعامل بيعا وشراء ورهنا للسكن الخاص بأنه أمر لا يجدي نفعاً.

وقال: «لوافترضنا ان بنك التسليف منح لشخص ما قرضا بقيمة 70 ألف دينار كويتي، فإن هذا الشخص يبقى بحاجة ماسة الى الاقتراض لشراء الارض.

ولفت إلى ان البنوك وشركات التمويل ساهمت بفضل منها في تأمين سكن لنحو 250 ألف مواطن كويتي راغب في السكن. واكد انه ضد وقف تعامل البنوك بهذا الامر.

الأسعار رغم النزول مرتفعة!

على الصعيد نفسه، لفت العصيمي الى ان الجهات المعنية حسبت انها ستساهم في خفض الاسعار، فهي حقيقة انخفضت ولكنها لاتزال مرتفعة.

وقال: «أنا أقول ان الأراضي رغم نزولها لاتزال مرتفعة في الاماكن التي قيل عنها إنها انخفضت رغم اني املك فيها».

وبين ان تلك المناطق رغم النزول فيها فهي تفتقر إلى أي نوع من الخدمات، إذ ان الراغب في الشراء هناك يعلم مسبقا انه لو حاول وضع سقف لبيته من جريد النخيل لما استطاع ذلك لأن هذا ممنوع عليه البتة.

ولفت الى ان المناطق الداخلية والمناطق الاخرى، فهي ان نزلت بنسب تراوحت بين 10-15 في المئة، فإنها لم تنزل، وهذا لا يعتبر نزولا بمعنى الكلمة للنزول، بل يعتبر نزولا طبيعيا. ومما احب العصيمي الكشف عنه والاشارة اليه المكرمة الاميرية السامية، التي بها تم البدء بتثمين البيوت في قطعتين في منطقة جليب الشيوخ لبيوت ذوي الدخل المحدود الذين لحقهم الأذى من العقار الاستثماري، الذي اشيدت مشاريعه بجوارهم او حولهم.

وقال ان القطعتين اللتين شملتهما المكرمة الاميرية السامية كانتا خصصتا للسكن الخاص ثم رخص فيهما للاستثماري، فصارت المباني اطول من مساكنهم.

وقال: «ان سمو الامير، حفظه الله ورعاه، أمر بنزع مليكة هذه البيوت حتى يزول الاذى عن اهلها بمكرمة منه وجار الآن نزع الملكية».

ولفت الى ان المواطنين الذي ينزع منهم ملكية منازلهم الآن بدأوا بالبحث عن مساكن خاصة لهم، مستغلين المكرمة الاميرية وما افرزته من تعويضات سيحصلون عليها من جراء تنفيذ امر سمو الامير لهم.

وبين ان عدد البيوت التي يجري نزع ملكيتها بلغ نحو 285 بيتاً، اماكنها ستعود الى السوق، لأنها ستستثمر في التطوير، إما استثمارية أو تجارية.

مقارنة غير عادلة

أكد العصيمي ان فروقا تجعل المقارنة بين سوق العقاري في الكويت وسوق العقار في دبي أمراً غير عادل. ولفت الى ان من جملة تلك الفروق ان الاسعار والايجارات في دبي ارتفعت بدرجة كبيرة، ثم انخفضت، أما بالنسبة للكويت فهي لم ترتفع الى تلك الدرجات التي وصل إليها سوق دبي، لذا لم تنخفض لأن وضعها اصلا طبيعي وغير مبالغ فيه.

واستشهد العصيمي بتقرير شركة «سبائك» للاجارة والاستثمار، فقال ان تقرير الشركة أكد ان اسعار العقارات حول العالم نمت في آخر عقد مضى اكثر من 200 في المئة. ولفت الى ان اسعار العقار في الخليج سجلت تراجعا ملحوظا خلال الشهرين الماضيين، وسط شبه احجام من قبل المستثمرين عن شراء الاراضي والوحدات السكنية والتجارية، عازياً ذلك الى مخاوف تأثيرات الازمة، لافتا في الوقت ذاته الى ان عددا من المكاتب والشركات العقارية بدأ يعاني كثرة المعروض وندرة المطلوب.

وأضاف ان اسعار الايجارات في المنطقة، وإن نمت بشدة في الاعوام القليلة الماضية، غير انها بقيت اقل ارتفاعا من اسعار العقار نفسه، إذ ان معدلات الايجار العقاري صعدت مثلا خلال العامين الماضيين حوالي 40 في المئة في دبي، في حين شهدت قطر أعلى قفزة في هذا المجال، أي ما يساوي 75 في المئة مقارنة مع تضاعف أسعار العقار في البلدين خلال الفترة نفسها، علما بأن اغلب الارتفاعات في الايجار سجلت في قطاع المدن الصناعية والمكاتب، ثم تبعها القطاع السكني.

تعددت العوامل والنمو... مستمر

نقل العصيمي عن تقرير شركة «سبائك» ان العوامل التي ادت الى النمو في قطاع التأجير في دول الخليج كثيرة، من بينها تضاعف عدد السكان في دول المنطقة، إذ تضاعف عدد السكان في السعودية على سبيل المثال لا الحصر بنحو 3 مرات منذ عام 1980.

وأضاف ان من بين تلك العوامل طبيعة المجتمع الوافد وحجم الجاليات الاجنبية اللذين يساهمان في نمو سوق تأجير العقارات، خصوصا ان تملك الاجانب مازال محظورا في نطاقه العريض، إضافة إلى أن الجيل الشاب الذي يستحوذ على نحو 60 في المئة من المجتمع الخليجي يغذي بدوره هذا النمو، الى جانب التوجه نحو اقرار القوانين الجديدة وتطوير التشريعات اللازمة، مثل نظامي التأجير التمويلي والرهن العقاري، يضاف الى ذلك التدخل الحكومي الذي تتلقاه عادة اسواق العقار من خلال السياسات والإجراءات، ومن خلال الملكيات في الشركات العقارية أو المطورة، ما يمنح جرعة ثقة لقطاع التأجير رغم الازمة.

back to top