Ad

على الإنسان أن يتذكر دائما أن الناجحين والعظماء والأكثر تفوقا لم يكونوا بالضرورة الأكثر ذكاء ولا الأكثر علما ولا الأكثر قوة، بل كانوا دائما الأكثر همة، والأكثر تركيزا على أهدافهم، والأكثر انشغالا بتحقيقها.

فكرة مقال اليوم تناولتها منذ سنتين تقريبا، إلا أنها لاتزال حية مفيدة تصلح لمعاودة الحديث عنها، خصوصا والنفوس قد تعبت من كثرة ما هي تابعت أخبار الصراعات والمعارك السياسية، وصارت تتوق للتغيير.

عندما تريد أن تكون سعيدا وناجحا فعليك أن تعيش وتستمتع بالحاضر، عليك أن تركز على ما هو إيجابي في حاضرك، وأن يكون هدفك الذي تسعى إليه دائما نصب عينيك حتى تستطيع أن تحدد الشيء الأكثر أهمية والأجدر بالانتباه من كل ما يواجهك.

ولكي تجعل حاضرك أفضل من ماضيك، فارجع إلى تجاربك وتعلم منها، وافعل الأمور بطريقة مختلفة عن السابق لتصل إلى نتائج مختلفة، ولكي تجعل مستقبلك أفضل من حاضرك، وصولا إلى أهدافك فعليك بالتخطيط، يجب أن تخطط بوضوح، ولا تتردد وابدأ على الفور بتطبيق تلك الخطط، وتذكر دائما أن الماضي لا يساوي الحاضر... والحاضر لا يساوي المستقبل.

كانت هذه الأفكار المكثفة هي خلاصة ما أورده الدكتور سبنسر جونسون في كتابه الجميل «الهدية». يقوم الدكتور جونسون في هذا الكتاب الصغير الحجم، الكبير الفائدة، بسرد قصة طريفة تحمل في طياتها الكثير من المعاني الرائعة والمهمة, فهو يعلم قراءه كيف يصلون إلى الراحة والسلام الداخلي وكيف يكونون أكثر إنتاجية في حياتهم وأكثر غنى وعطاء في علاقاتهم، وكيف يجدون ما هو مهم في حياتهم وحياة مَن يعيشون معهم ويحيطون بهم، وذلك من خلال فهم الماضي والحاضر والمستقبل، وإدراك أهمية كل مرحلة.

«الهدية»... كما يعرضه الدكتور جونسون عبارة عن قصة بسيطة تروي تجربة شخصية في الوصول إلى السعادة والتفوق, لكن أجمل ما في الكتاب أنه يذّكر الإنسان بأنه هو الوحيد الذي يمكنه منح نفسه هذه الهدية، حيث أن التغيير للوصول إلى النجاح يجب دائما أن يبدأ من النفس، ولا يمكن أن يتحقق ما لم تتوافر الإرادة الذاتية الدافعة له.

على الإنسان أن يتذكر دائما أن الناجحين والعظماء والأكثر تفوقا لم يكونوا بالضرورة الأكثر ذكاء ولا الأكثر علما ولا الأكثر قوة، بل كانوا دائما الأكثر همة، والأكثر تركيزا على أهدافهم، والأكثر انشغالا بتحقيقها، كانوا لا ينتظرون الظروف لتمنحهم النجاح على أطباق من فضة، ولا المقادير لتطعمهم التفوق بملاعق من ذهب، بل كانوا منشغلين دوما بالعمل لارتقاء سلم النجاح.

هذه سنة كونية، لا تفرق بين مسلم وغير مسلم، ولا تعطي للمسلم تميزا عن غيره إلا إن هو قدّم من عرقه وتعبه وجهده كل ما يستطيع لينال النجاح. ويا لها من عبارة عظيمة تلك التي أطلقها الإمام علي رضي الله عنه حين قال: «يطير المرء بهمته كما يطير الطائر بجناحيه».

على من أراد أن ينجح ويرتقي، أن يخفق بجناحيه بأشد ما يستطيع، عليه أن يعمل همته من دون كلل أو ملل، أما من جلس وندب حظه وألقى باللائمة على الظروف وعلى الحظ وعلى الآخرين، فقد اختار الفشل برغبته.

المعلم الأميركي الراحل روبرت كوليير قال يوما إن «لكل واحد منا نصيبه من الحظ السيىء والحظ الجيد، لكن ذلك الإنسان الذي يثابر ويستمر في الصمود خلال أيام الحظ السيىء، هو نفسه الذي سيجده الحظ الجيد حين يأتي»، وقال أيضا «إن النجاح في حقيقته هو الناتج الحتمي لتلك الجهود المستمرة والمتراكمة والتي نبذلها يوما بعد يوم بلا انقطاع». تمنياتي للجميع بالنجاح، ولهذا الوطن بالخروج من أزماته