ما فعله الدكتور الصانع ليس جريمة ولا خيانة، وعلى مَن يتهمونه ويتهمون جماعته «حدس» بخيانة دماء الشهداء الكويتيين- خصوصا أولئك الذين يعرفون أنفسهم- أن يجيبونا أولاً عن قولهم في مَن سرق مئات الملايين من أموال الكويت وشعبها الذي كان تحت الاحتلال وفي الشتات ما بين أقطار العالم في جريمة سرقة المال العام الشهيرة... أليس هذا هو الخائن حقا؟!
هناك مقولة، لا أدري لمَن، مفادها أن ليس أقبح من الكذب، سوى الحقيقة عندما يراد بها الباطل!منذ أيام وصلتني رسالة تحضني على متابعة قناة «سكوب» لأشاهد تسجيلا للنائب د. ناصر الصانع، وهو يرقص الدبكة مع الفلسطينيين فرحا بانتصار «حماس» في غزة أخيرا، وكيف أن القناة أظهرت التسجيل متبوعا بمقاطع فيديو عن شهداء الكويت في فترة الغزو العراقي.أنا لست من متابعي «سكوب» لأسباب صحية، ولكنني وجدت المقطع في «اليوتيوب»، وإذا بالصانع محمولا على الأعناق، هو ونائب آخر من تيار آخر بعيد كل البعد عن «حدس» وعن «الإخوان المسلمين»، وجمع كبير حاشد ينشدون جميعا ويهتفون بكلمة صامد، صامد. لم أستطع تمييز وجوه الآخرين، ولكنني لا أستبعد وجود شخصيات سياسية ونواب آخرين.بطبيعة الحال، فهؤلاء جميعا لم يتحدث عنهم أحد، وتم التركيز على ضرب د. الصانع عضو «حدس» لأن اليوم يوم ضرب «حدس» ولا أحد سواها!كلنا نعرف بأن قضية فلسطين والمسجد الأقصى ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وإنما هي قضية كل العرب والمسلمين، ولذلك فهي قضيتنا لعروبتنا وإسلامنا وليس لمجرد تعاطفنا الإنساني البحت مع الشعب الفلسطيني كما يحاول البعض إيهام الآخرين، لذلك عندما يحاول هؤلاء تشويه هذه الحقيقة من خلال التذكير بممارسات بعض الفلسطينيين السيئين أثناء فترة الاحتلال العراقي، وكيف أنهم تعاونوا مع المحتل، فإنهم يتكئون على ضعف إدراك المتلقين من السطحيين وهشاشة تفكيرهم لتسويق هذه الدعوى الفاسدة!هؤلاء يستغلون سلاح التعميم، وهو سلاح رخيص فاحش يدرك فساده كل عاقل، فليس الفلسطينيون كلهم هم مَن قاموا بتلك الأعمال السيئة، ولا يجوز لا شرعا ولا عقلا تعميم الأمر على الجميع، ولو صح هذا المنطق الأحمق، لكان الأجدر بحكومتنا ألا تعيد العلاقات مع الشعب العراقي إلى أبد الآبدين... فالجيش العراقي هو الذي اجتاح الكويت واستباح حرماتها!لكن الواضح أن هذه الوسائل الإعلامية الفاسدة، قد استسهلت استخدام سلاح التعميم لأنها وجدت من بين ظهرانينا مَن يتفاعلون معه ويستجيبون له، فقد رأينا على سبيل المثال، نبرة التعميم والإقصاء والتخوين في كل مشكلة تعترضنا ويكون على طرفيها سُنّة وشيعة، وكذلك رأيناها في كل مشكلة يكون على طرفيها حضر وبدو، إذن فلا استغراب حين نجدها تجاه الفلسطينيين!نعم، أنا لا أتفق مع «حدس» في استجوابها لرئيس الوزراء وقد بيّنت أسبابي في مقالات سابقة، ولكن هذا لا يمنعني من أن أقف مع د. الصانع اليوم، وأقول إن وجوده هو ومن معه في ذلك المشهد هو موقف عز وفخر وشهامة، يرتفع به رأس كل إنسان عربي ومسلم حين يقف مع إخوانه في وجه عدوهم الغاصب.ما فعله الدكتور الصانع ليس جريمة ولا خيانة، وعلى مَن يتهمونه ويتهمون جماعته «حدس» بخيانة دماء الشهداء الكويتيين- خصوصا أولئك الذين يعرفون أنفسهم- أن يجيبونا أولاً عن قولهم في مَن سرق مئات الملايين من أموال الكويت وشعبها الذي كان تحت الاحتلال وفي الشتات ما بين أقطار العالم في جريمة سرقة المال العام الشهيرة... أليس هذا هو الخائن حقا؟!لكنه بالفعل زمن غادر صار يتغنى الداعرون فيه بالشرف وحب «الوطن»!
مقالات
الصانع... والدبكة... وخيانة دماء الشهداء!
12-02-2009