أكد رئيس لجنة التكافل لرعاية السجناء أن الفقر بين الكويتيين يعبّر عن حالة خاصة، مفادها أنهم ساهموا في إفقار أنفسهم بأنفسهم عبر الاقتراض غير المحسوب.
أكد رئيس مجلس الإدارة في جمعية التكافل لرعاية السجناء مساعد مندني في حديثه لـ«الجريدة» أن الفقر موجود في الكويت، وهو يخص فئات بعينها وعلى رأسها فئة البدون، بسبب أعدادها الهائلة، وفقر هذه الفئة يرجع إلى عدة أسباب أهمها، فقدان الآباء بسبب الوفاة، وبالتالي فقدان العائل والممول للاسرة، خصوصا إذا علمنا أن أغلب هؤلاء كانوا يعملون في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية في سنوات ماضية، أي قبل قرارات التضييق الحالية.وبوفاة أو عزل هؤلاء عن العمل ولاسيما بعد التحرير أصبحت أسرهم فقيرة، لأنها فقدت عائلها، والسبب الثاني الذي يساهم في فقر هذه الفئة هو عدم وجود المؤهلات العلمية العالية بين أفرادها، إضافة إلى عامل ثالث يتعلق بغياب ثقافة تحديد النسل، ففي هذه الاسر يصل تعداد أفرادها غالبا ما بين 7 إلى 10 أبناء، وهو ما يحمّل الاسرة أعباء مادية لا قبل لها بها.ويضيف مندني ان هذه الفئة تنظر إلى الكويتيين كأنهم أقران لهم، بسبب وجودهم معاً على أرض واحدة منذ زمن طويل ويختلطون معهم بشكل مستمر، إلا انهم يجدون أنفسهم بلا تعليم أو توظيف أو علاج، ما يجعلهم حاقدين على أقرانهم من الكويتيين، وهو ما جعل جرائم السرقة والعنف تنتشر في أوساطهم، وهذه نتيجة منطقية للحرمان من أمور الحياة الطبيعية، كقيادة السيارة أو المصروف المادي أو الزواج أو التعليم وغيرها من الحقوق الطبيعية.أما الفئة أو الشريحة الثانية التي تعاني الفقر، في رأي مندني، فهي التي تخص شريحة الجنسية العراقية، فهذه الجنسية، أصبحت بسبب الغزو العراقي على دولة الكويت، شبه منبوذة بسبب الحاجز النفسي المتراكم للجوانب السياسية، وبالتالي فمن النادر أن يحصل هؤلاء على الوظائف أو المساندة المعنوية والمادية، وينطبق الوضع نفسه على الفلسطينيين، وذلك بسبب إسقاطات الغزو أيضاً.وعن الفقر الموجود بين الأسر الكويتية يؤكد مندني أن طبيعة فقرهم مغايرة، فمعظم الكويتيين الفقراء أفقروا أنفسهم بأنفسهم، بسبب القروض والديون وعدم التخطيط وحساب النتائج على الأسرة واقتصاداتها. ويضيف ان النشاط الاستهلاكي الذي تشجع عليه مؤسسات الاقراض تسبب في هذه المشكلة، وتحاول الحكومة الآن بإجراءات البنك المركزي أن تحدَّ منها، ويقول إن مؤسسات التكييش غير القانونية أودعت أسراً كويتية كثيرة في السجن، وأودعت أخرى في شباك الديون التي تمتد إلى عقود من الزمن بمبالغ تفوق مدخولها الشهري. ويضيف مندني ان أي مواطن عليه أمر ضبط واحضار من قِبل سلطات الأمن نتيجة إلى مطالبات مالية، يمكن تصنيفه على أنه فقير، خصوصاً إذا علمنا أن نسبة هؤلاء اليوم تتراوح ما بين 8 إلى 10 في المئة من المواطنين.وأضاف مندني ان قوانين الحد من الاستهلاك غير المحسوب عبر سياسات الأقراض موجودة لكنها لم تُفعَّل، وأصبحنا اليوم نواجه مشكلة كبيرة تُسمى مشكلة ديون الاسر الكويتية التي عالجتها الحكومة في ما يُسمى بمشروع «صندوق المعسرين»، وهي مشكلة مبطَّنة ستتضح لاحقاً، ففكرتها التسديد للبنوك والشركات وبقاء المواطن أسير عملية هذا التسديد إلى حين الانتهاء من الدَّين، مع عدم قدرته على تلبية حاجات أسرته العادية عبر شراء سيارة أو تسديد مبالغ العلاج أو ما شابه، ويضاف إلى ذلك أن الحالات التي ينطبق عليها شرط «صندوق المعسرين» لا تتجاوز 20% من الذين يعانون القروض والديون، وهذه الفئة هي المعنية بالاقتراض من البنوك والشركات فقط.ويؤكد مندني أن هناك خارطة مناطقية للفقر في الكويت ولاسيما في مناطق الصليبية وتيماء بوصفهما من المناطق الشعبية.أما عن عمل لجنة التكافل لرعاية السجناء فيؤكد مندني أن جميع أسر السجناء الكويتيين في عداد الفقراء، وأن المسجونين نتيجة الديون والقروض نوعان، فإما انهم من أصحاب الديون المالية المعقولة كأقساط السيارة أو البيت، وهذه الحالات قابلة للعلاج والمساعدة من قِبل الجمعية، أو أن يكون الفقر من النوع الثاني المستعصي، والذي تكون فيه المطالبات عالية التكلفة ولا تستطيع الجمعية تحمّلها وينتج عنها فقر كثير من الأسر، نتيجة سقوطها في أكثر من قرض ودين، ويكون مجموعها أكثر بكثير من مدخولها الشهري.وأفاد مندني بأن الجمعية أطلقت مشروعاً جديداً يهدف إلى مساعدة أسر 200 حالة كويتية مُدانة بمبالغ يمكن للجمعية التعامل معها، من أجل تجنيبهم عقوبة السجن، وذلك بتسديد جزء من الدَّين وتقسيط الجزء الآخر على عائل الأسرة وبشروط مخففة، حتى يكون بين أسرته وليس في السجن. وأثنى مندني على القضاة في وزارة العدل لتعاونهم وتقديرهم للجانب الأسري من خلال تعامل الجمعية مع العديد منهم وتسهيلهم قبول أموال المساعدات إلى صندوق الوزارة الخاص بالتسديد عن المدنيين والمقترضين المعسرين.
قضايا
مندني: خارطة الفقر تبدأ بالبدون والعراقيين والفلسطينيين... والكويتيون حالة خاصة
17-10-2008