Ad

في أسلوب الإدارة الحديث، أي اجتماع يزيد على نصف ساعة هو غالباً «كلام فاضي»، ولأن حكومتنا فيها 16 وزيراً فسنعطيهم ساعة ونصف الساعة لإنجاز الأمور التي فعلاً تحتاج قرارا من مجلس الوزراء.

أنتظر منذ فترة أن تقول كتلة العمل الشعبي من ستستجوب إذا ثبتت لديها مخالفات في مشروع المصفاة الرابعة، فهي في هذا الأمر بالذات تتحاشى أن تذكر اسم محمد العليم كوزير «مستهدف» وذلك لأسباب معروفة، وتصر على أن تقول إنها ستستجوب «من يستحق» من أعضاء الحكومة، دون أن تحدد من الذي يستأهل الاستجواب... لكنني مستعد أن أراهن أنه لن يكون الوزير المختص محمد العليم، وذلك ليس لأنه مطيري وتجمعه علاقة قبلية بالناطق الرسمي في الكتلة النائب مسلم البراك، ولكن لسبب آخر بعيد جداً، وهو الأسلوب الحكومي الفاشل في الإدارة.

فـ«الشعبي» لا يلام حين يقول إنه سيستجوب من يستحق، لأن الوزير في الحكومة «طمبور طين» للأسف، لا يملك أن يتخذ قرارات في وزارته لا كبيرة ولا صغيرة، جميعنا نتذكر، على سبيل المثال، أن مجلس وزراء «بكبره»، مبنى وموظفين واجتماعات وأمينا عاما وحرسا... إلخ، كلنا نتذكر قرار هذا المجلس المهم في إعادة الوجبات المدرسية إلى المدارس الحكومية، وقراره بتنظيم المخاطبات بين جمعيات النفع العام والجهات الحكومية، واجتماعاته «وليس اجتماعا واحدا» التي تدارس فيها توقيت العام الدراسي الجديد، وقراره في تحديد الحد الأدنى لأجور عمال الحراسة. هذه قرارات يستطيع اتخاذها مجلس الوكلاء في أي وزارة من وزارات الدولة المعنية، فهل نحتاج مجلس وزراء بـ16 وزيراً، و«سمو» رئيس وزراء ليقرروا إعادة الوجبات المدرسية؟ وهل نتصور مثلاً أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعاً طارئاً الآن، خصوصاً أن العام الدراسي بدأ، ليحدد مكونات الوجبات الغذائية في المدارس، فلا يجوز أن يصدر مجلس الوزراء قرارا من دون أن يضع هذه التفاصيل؟!

وعلى غرار القرارات التي ذكرناها، نرى مجلس الوزراء يجتمع ليقرر إحالة مشروع المصفاة الرابعة إلى ديوان المحاسبة، ثم يعقد اجتماعين ليبحث إن كان سيتراجع عن قراره ويحيله إلى لجنة المناقصات، سؤالي هنا: ما دخل علي البراك وزير الصحة وعبدالرحمن الغنيم وزير المواصلات -على سبيل المثال- باجتماعين يبحثان ما إذا كانت الحكومة ستحيل الموضوع إلى لجنة المناقصات أم لا؟ لماذا لا يترك هذا القرار لتقرير الوزير المختص محمد العليم؟ ألم يتم اختياره ليدير وزارة؟ أم ليكون مندوب الوزارة في مجلس الوزراء؟

رئيس مجلس الوزراء، وهو المسؤول عن اجتماعات المجلس، يبدو كمن «يقرب القرص صوبه» في مسألة الاستجوابات، فيأخذ مجلس الوزراء تبعات أي قرار خاطئ أو صائب يتخذه وزير، لأن هذه القرارات تغلف بصيغة أنها قرار مجلس وزراء، على اعتبار أن ذلك في بعض الأحيان قد يضفي عليها حصانة، وهو أمر خاطئ، فكم رأينا من وزراء يصعدون على منصة الاستجواب ليقولوا إن هذا القرار أو ذاك كان قرارا لمجلس الوزراء، ومع ذلك لم يشفع لهم ذلك في خروجهم من الوزارة، فقرار كإحالة المشروع إلى لجنة المناقصات هو قرار يجب أن يكون للوزير، وإن أخطأ في قراره فهو من يتحمل المسؤولية، وليس «من يستحق» على حد تعبير كتلة العمل الشعبي، لأن هذه القرارات إن تم اتخاذها من قبل مجلس الوزراء، فقطعاً رئيس مجلس الوزراء هو من يستحق.

علاوة على ذلك، فإن الأسلوب «العشائري» في إدارة مجلس الوزراء لا يصلح لإدارة دولة، هذا إن كنا نريد أن نكون دولة... الاجتماعات التي يتفاخر بعض الوزراء بأنها استمرت حتى الليل لساعات طويلة، ليست بالضرورة صحيحة، ففي أسلوب الإدارة الحديث، أي اجتماع يزيد على نصف ساعة هو غالباً «كلام فاضي»، ولأن حكومتنا فيها 16 وزيراً فسنعطيهم ساعة ونصف الساعة «من عندي» لإنجاز الأمور التي فعلاً تحتاج قرارا من مجلس الوزراء.