لكم العتبى يا حدس ... ولكن!
كنا نفترض من محمد العليم حلولا جذرية لمشكلتي الكهرباء والمياه في ظل هذه الوفرة المالية التي لم تشهد البلاد مثلها من قبل، وفي ظل كون هاتين المشكلتين من المشاكل المجمع على أهمية حلهما ومعالجتهما من قبل الجميع سواء في الحكومة أو البرلمان أو خارجهما.
بلغني أن بعض الإخوة في «حدس» قد تضايقوا من مقالي الذي تحدثت فيه عن استفادة الوزير محمد العليم من مشروع المصفاة الرابعة، وأنهم يعتبون علي. وللأصدقاء في «حدس» حق العتبى، فهم «يمونون»، لكن الحقيقة أني كنت أتمنى لو لم أكن سمعت بالأمر عرضا، ولو أن العاتبين كانوا اتصلوا بي مباشرة لكي يتسنى لي مناقشتهم في فكرة المقال، والتي لاأزال أؤمن بها، ولم يتغير في تصوري حيالها شيء، لكان أسعدني، وربما أسعدهم، أكثر.المهندس محمد العليم، وزير الكهرباء والماء، رجل مجتهد ونشيط، وليس هناك أي محل شك بالنسبة لي سواء على مستوى إخلاصه أو أمانته ونظافة كفه، ولكنني لاأزال مؤمنا بأنه لم يقدم إنجازا حقيقيا على مستوى ملفي الكهرباء والمياه.سيقول قائل إن في عهد محمد العليم تم تنفيذ مشروعي طوارئ 2007 و2008، اللذين أنقذا البلاد من أزمة كهربائية كبيرة كانت على شفيرها، وسأقول إن هذا قد يكون صحيحا إلى حد ما، ولكننا كنا ننتظر من محمد العليم أكثر من ذلك بكثير.. بكثير جدا!محمد العليم مهندس بترول، أي أنه فني متخصص وقادر على استيعاب أدق التفاصيل الفنية لموضوع أزمة الكهرباء، وبالتالي فهو مثال نموذجي للوزير التكنوقراط. وكذلك هو ينطلق من «حدس» الحركة السياسية واسعة الانتشار، التي لها قواعد شعبية ممتدة بطول البلاد وعرضها. وكذلك هو ابن لواحدة من أكبر القبائل انتشارا وتمثيلا في البرلمان، أي أنه وزير يمتلك ثقلا شعبيا لا يستهان به. وهو كذلك نائب برلماني سابق، سبق أن قام باستجواب أحد الوزراء على خلفية قضية شعبية انتهت برحيل هذا الوزير، أي أنه كان في صف تيار المعارضة الفاعل. كل هذه المواصفات، في اعتقادي، كان من المفترض أن تجعل من محمد العليم واحدا من أكثر المؤهلين، إن لم يكن الأكثر تأهيلا، على التعامل مع ملفات مشاكل انقطاع الكهرباء وشح المياه من موقعه كوزير للكهرباء والماء، بشكل أكثر فاعلية، وبطريقة جذرية.صحيح أن طوارئ 2007 و2008 كانا إنجازين جيدين إلى حد ما، لكنهما بالنسبة لم يساهما سوى في ترحيل المشكلة إلى السنوات المقبلة، ولو افترضنا رحيل محمد العليم عن الوزارة الآن لأي سبب كان، ويعلم الجميع أن هذا ليس ببعيد فقد رحل وزراء غيره دون أي سابق إنذار، فمن يضمن أننا لن نواجه كارثة كهرباء ومياه في عام 2009؟كنا نفترض من محمد العليم حلولا جذرية لمشكلتي الكهرباء والمياه في ظل هذه الوفرة المالية التي لم تشهد البلاد مثلها من قبل، وفي ظل كون هاتين المشكلتين من المشاكل المجمع على أهمية حلهما ومعالجتهما من قبل الجميع سواء في الحكومة أو البرلمان أو خارجهما.كنا نأمل من محمد العليم أن يفعل هذا، أو أن يقف وبكل شجاعة أدبية، استنادا إلى رصيده البرلماني المعارض، وإلى مساحته الشعبية الكاسحة، وإلى ثقله السياسي الواضح، وأن يكشف وبكل شفافية الأسباب والمعوقات الحقيقية التي تمنع قيام الحكومة وحتى اللحظة بالمباشرة بالمعالجة الحقيقية والجذرية لهاتين المشكلتين الآخذتين في التفاقم يوما بعد يوم مع الاتساع العمراني والتزايد السكاني!لهذا السبب الكبير جدا في قناعتي، أقول إن محمد العليم لم يقدم لنا، خصوصا نحن محبيه على المستوى الشخصي، ما يجعلنا نقف ونقول بكل ثقة بأنه نجح وباقتدار في إدارة وزارة الكهرباء والماء!