الندوة التي أقامتها جريدة "القبس" وتحدث فيها النائب السابق حمد الجوعان إن أنا أردت اختصارها في جملة واحدة سأقول إنها كانت أنشودة دافئة صادقة أعادتنا إلى الزمن الجميل. أنشودة انفرد بها ذلك الإنسان الرائع الكثيف بحضوره، الراقي بأفكاره، الحكيم باختياره لكلماته، ولما يجب أن يقال وما لا يقال في تلك المناسبة التي جرت على ضفاف الانتخابات. ذلك الرمز الذي انتصبت قامته فوق الحشود، فوق انكسارات الواقع، فوق اليأس العاصف، فوق عجز الجسد وشلل الأطراف. إنها ليلة حمد الجوعان بكل اقتدار.

Ad

من أجمل ما كان في الليلة حضورها الشبابي الكثيف، الذي أشعرني أن هنالك في الأفق أملاً جميلاً رائقاً...

وفي المقابل يا ليته ما كان فيها تعقيبات بعض الحضور، تلك التعقيبات التي كانت بعيدة جداً عن الحصافة والذكاء السياسي، وعن ألق الليلة التي أرادها حمد الجوعان أن تكون ليلة أمل... ليلة تجميع لا تفريق... ليلة تجاذب لا تنافر... ليلة كويت كل الكويتيين.. ليلة الوطن!

حمد الجوعان.. شكرا لك، لأن في كويتنا أمثالك... وشكرا لـ"القبس" لأنها جاءت لنا بقبس من تاريخ الكويت الجميل!

* * *

الانتخابات قاب قوسين أو أدنى، ومازلت غير قادر على اختيار أربعة أسماء تستحق التصويت في دائرتي.. ولا ثلاثة.. ولا اثنين.. والأخير لايزال على كفة الميزان يتراقص!

سامح الله من جاء بفكرة الأربعة اختيارات المنفصلة هذه... كان أغلب الناس في السابق يختارون مرشحين اثنين فقط، واحد منهما يعرفونه والآخر يتركونه للتساهيل، أو لوحي، أو لعلها وسوسة اللحظات الأخيرة، أو لمن يقابلهم أمام باب التصويت فيقول "تكفا... طلبتك لا تخلي فلان"... أما اليوم فأربعة اختيارات مرة واحدة! يا لها من مشقة عقلية كبرى!

من سيصوتون للرباعيات مباشرة، أعني لمرشحي الفرعيات أو للتحالفات، أراحوا عقولهم ووضعوها على "الستاند باي"، فليس مطلوباً منهم أن يدرسوا كفاءة أي من هؤلاء المرشحين أو قيمته مادام أنه من الثلاثة المتواطئين مع صاحبهم... أعني المتواطئين على التحالف وليس على أي شيء آخر لا سمح الله، كنت أقول إن مَن سيصوتون لمرشحي هذه الرباعيات، سيصوتون لهم ولو كانت علاقة الأربعة مع بعضهم بعضا من ناحية الأخلاقيات والأفكار والتوجهات والكفاءة، كعلاقة السمك باللبن بالتمر الهندي، مع كامل الاحترام والتقدير لأخلاق وكفاءة السمك واللبن والتمر الهندي، وكل تمور الجنسيات الأخرى!

أما أنا ففي ورطة التمحيص والتقليب خوفاً من إثم التصويت لمن لا يستحق، وفكرة اختيار أفضل السيئين لا تناسبني، فأفضلهم ما هو إلا سيئ في النهاية، وما يدريني لعل كرسي المجلس الوثير المثير وإغراءات المنصب التي يسيل لها حتى لعاب الضبان ستجعل من هذا القادم السيئ الجديد أشد سوءاً وبذاءة؟ لا... لا داعي للمجازفة بمستقبل الوطن... وسامحني يا وطني "فما بالحمض أحد"!

* * *

جعل البعض من التصويت للمرأة هدفا بحد ذاته، وهذا في رأيي عبث وترف لا يتحمله وطننا الرازح تحت الأزمات، المختنق تحت ركام المشاكل.

إن وجود المرأة في البرلمان ليس هدفاً، وإنما غاية في نهاية المطاف. غايتنا أن يصل إلى مجلس الأمة النواب الأكفاء ممن يقدرون على حمل الأمانة، رجالاً كانوا أم نساءً، وليس أن تصل امرأة والسلام، ليعيش البعض تلك الفرحة الزائفة باكتمال ما يسمى بالمشهد الديمقراطي لحقوق المرأة السياسية! ليكن المقياس هو، مدى استحقاق المرشح لأمانة الصوت، بغض النظر عن جنسه. وكل انتخابات وأنتم بخير.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء