ما بعد الانتخابات
لم يقضِ النظام الانتخابي الجديد على الانتخابات الفرعية العرقية والطائفية حيث جرت في الدوائر الانتخابية كافة، ولم يمنع أو يقلل من عمليات استخدام المال السياسي الذي تعددت وسائله، مما يحتم التفكير في كيفية تجديد الحياة السياسية وتطوير النظام الانتخابي الحالي للقضاء على الظواهر السلبية التي ظهرت أثناء العمل به.
من المفروض أن تكون نتائج الانتخابات في الدوائر الانتخابية جميعها قد ظهرت الآن. والسؤال المهم هو تُرى ماذا حملت هذه النتائج من رسائل؟ أي بمعنى آخر، ما هي الرسالة أو الرسائل التي أراد الشعب الكويتي أن يوجهها لمن يعنيه الأمر؟ هل ترجم الشعب الكويتي حالة التذمر من الوضع الحالي والقلق على المستقبل إلى قرارات عملية من خلال صناديق الاقتراع ؟ أم تراه، رغم حال التذمر العارمة، قد أبقى على الوضع السابق كما هو؟لن نستطيع أن نجيب عن هذه الأسئلة كلها إلا بعد الاطلاع على النتائج النهائية للانتخابات التي لم تتوافر لنا وقت كتابة المقال. على أن المتابع للعملية الانتخابية لا يمكنه تجاهل بعض المؤشرات المهمة التي برزت أثناء الحملات الانتخابية والتي تدل على عدم الرضا الشعبي على الأوضاع العامة وعلى تحميل مسؤولية هذا التردي للحكومة بالدرجة الأولى وللمجلس بالدرجة الثانية، وهذا بحد ذاته قضية أساسية من المهم التوقف أمامها. كما برزت بعض المؤشرات السلبية التي تدل على عدم نضج العمل السياسي في الكويت حتى الآن، فلم تأخذ الحملات الانتخابية الطابع السياسي، بل لايزال يغلب عليها الطابع الاجتماعي والشخصي الذي ترسخ أثناء العمل بالنظام الانتخابي السابق. لذا نرى ازدياد عمليات النخوة والفزعة الجاهلية ورمي «العقل» وقصائد المدح والفخر التي تتناقل عبر شبكة الإنترنت والرسائل الهاتفية القصيرة، بل إن الإسفاف السياسي قد وصل إلى الحد الذي قام فيه بعض المرشحين بالبكاء في القنوات الفضائية أو أمام حشود الناخبين في محاولة رخيصة لكسب بعض التعاطف الشعبي.كما لم يقضِ النظام الانتخابي الجديد على الانتخابات الفرعية العرقية والطائفية حيث جرت في الدوائر الانتخابية كافة، ولم يمنع أو يقلل من عمليات استخدام المال السياسي الذي تعددت وسائله، مما يحتم التفكير في كيفية تجديد الحياة السياسية وتطوير النظام الانتخابي الحالي للقضاء على الظواهر السلبية التي ظهرت أثناء العمل به.من هنا وحتى نتجاوز حالة الإحباط العامة، يتعين علينا الآن الدفع في عملية الإصلاح السياسي الشامل من خلال الالتزام الكامل بالدستور، على أن تتخذ عملية الإصلاح اتجاهين: الأول، إصلاح السلطة التنفيذية ومن ضمنه أن يقوم المجلس بإلزام الحكومة المقبلة بتقديم خطة استراتيجية للتنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفقاً للقانون رقم 60/1986 على أن تتضمن آليات التنفيذ وفق جدول زمني محدد. أما الاتجاه الثاني، فهو إصلاح المؤسسة التشريعية لتصبح أكثر شفافية حتى لا تضحي مكاناً للفساد والإفساد وعبئاً على عملية التنمية. لقد ملّ الناس من حالة المراوحة السياسية الحالية وبدأ بعضهم شيئاً فشيئاً يفقد الأمل في الإصلاح، وهذا مؤشر خطير لابد من تداركه قبل أن يصبح ظاهرة عامة.