أزمة الحكم... تكفي

نشر في 23-11-2008
آخر تحديث 23-11-2008 | 00:00
 سعد العجمي لا أدري ما علاقة كسر قانون المرور بالدستور، ولا أجد رابطاً بين بناء ملعب أو مستشفى أو جامعة وتعليق العمل بدستور 1962، وليس هناك صلة لا من قريب ولا من بعيد بين تعطيل أعمال مجلس الأمة وعودة الكويت درة للخليج كما كانت، وهو الربط الساذج الذي يطرحه «أنصاف» الكتّاب والمثقفين المفلسين، في إطار هجومهم على مجلس الأمة بعد تقديم استجواب رئيس الحكومة.

كتّاب «الغلفة»، ومن فرط سذاجتهم وسطحية تفكيرهم، يقولون إن تعطيل الحياة البرلمانية لا علاقة له بتعليق الدستور، فالديمقراطية لا يمكن اختزالها بالبرلمان الذي، وعلى حد وصفهم، عطّل التنمية وأدى إلى تراجعنا قتصادياً واجتماعياً، وهذا طرح يكشف أن لديهم مشكلة « قانونية»، أو عقدة «اجتماعية» تجعل من ترشحهم وحصولهم على مقعد في قاعة عبدالله السالم، أشبه بعشم «إبليس» في الجنة، فأطلقوا العنان لأقلامهم، ونفخوا في أبواقهم، للهجوم على المجلس، وطالبوا بالحل غير الدستوري من دون أن يدركوا أنهم بذلك يساهمون في «جرح» العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتعمّد زعزعة أمن واستقرار البلاد عبر تلك الدعوات المشبوهة، بل إنهم ولفرط حقدهم، قفزوا على جزئية دور المؤسسة التشريعية في أزمة الحكم وتنصيب سمو الأمير، يوم أن أثبتت الأحداث الجسام أن وجود مجلس الأمة هو الضمانة والحصن الآمن، الذي يلجأ إليه الجميع عندما تعجز «المجالس الخاصة» عن حسم الأمور.

قد لا نقر بعض الممارسات النيابية بين فترة وأخرى، لكن ذلك يجب ألا يكون مبرراً للهجوم على المؤسسة التشريعية والمطالبة بإلغائها، ولا نحتاج هنا للتذكير بالأحداث الكارثية التي تعرضت إليها البلاد في ظل غياب المجلس بدءاً من أزمة المناخ، وانتهاءً بفاجعة الغزو العراقي، وهي الأحداث التي تجعلنا أكثر تمسكاً ببقاء المجلس، خصوصا بعد التحولات السياسية المهمة، وعلى رأسها مؤتمر جدة الشهير.

أتساءل هنا: من ألغى المراسيم الممهورة بتوقيع سمو الأمير؟ ومن كسر القانون وأدخل الفالي إلى البلاد رغم وجود قيد عليه؟ ومن سحب «الجناسي»؟ ومن عجز عن تطبيق قوانين الرياضة؟ ومن وضع قانون هيئة سوق المال في الأدراج وأقفل عليه بـ«الضبة» والمفتاح ولم يقدمه إلى المجلس؟ ومن خضع للمساومة وقَبِل بالتسويات في الأزمات السياسية؟ أليست الحكومة؟!

على كل، كنت قد كتبت بعد انتخابات اللجان في افتتاح دور الانعقاد الحالي، أن للحكومة حق المناورة السياسية والتحالف مع من تريد لإقصاء من لا تريد، لكنني ربطت ذلك الحق بقدرة الحكومة على المواجهة والاستمرارية، وألا يأتي ذلك اليوم الذي «تبكي» فيه وتقول أنقذوني، فإن كانت غير قادرة على إدارة اللعبة السياسية مع المجلس فلتتحمل ما سيجري لها.

***

الزميل الدكتور أنور الشريعان كتب في هذه الصفحة قبل يومين ما مفاده، أن عودة ما يعرف بـ«حزب الحكومة» هو السبيل الوحيد لتجاوز السلطة التنفيذية جميع إشكالاتها مع المجلس، وأنا أقول يا دكتور: لتطبق الحكومة القانون، ولتتعامل مع المجلس بنظرة الشريك لا الخصم، ولتعمل بشفافية ووضوح مع جميع الكتل، وقتها لن تحتاج للأغلبية، لأن النواب الخمسين جميعهم سيصبحون حكوميين.

back to top