إن الحكومة الرشيدة في حالة «حيص بيص» لا تغبط عليها، ففي الوقت الذي تسعى فيه إلى إنقاذ الاقتصاد الوطني، الذي تناقشه لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة، تجد التكتلات النيابية تحاول حلب ضرع المال العام لتحقيق مكاسب شعبية انتخابية.

Ad

* الرائي إلى ما يحدث في البلاد من خارج الحدود تبدو له الصورة مرعبة ومثيرة للتوجس والخشية والقلق من جراء التحديات الجسيمة التي تجابه البلاد والعباد! الأمر الذي يدعونا إلى دحرجة سؤال يقول: هل شعبنا غاوي أزمات وتوتر، ومغرم جداً بالعيش على حافة الهاوية والخطر؟!

الحق لست معنياً ولا مؤهلاً للإجابة عن السؤال، لكونه يعني الخبراء والمختصين، وهم كثر... ولله الحمد! زد على ذلك أن حضرات كتّاب الزوايا والتكايا حاضرون دوماً، للإدلاء بدلوهم، بشأن التحديات التي تجابها البلاد كافة! فالواحد منا: نحن معشر الكتّاب «خبراء اسكت» لا يشق لنا غبار، ولا يمزّق لنا «طوز» دلالة على كتابتنا في كل هم وطني أياً كان شأنه. فترانا ندبّج المقالات في الاقتصاد والسياسة والدين والتدبير المنزلي، والفيمتوتانية، والفلك، والإفتاء، وكل القضايا الوطنية على اختلاف ميادينها وتخصصاتها، وكأن كل واحد منا جهينة زمانه المستأثر بالخبر اليقين الذي لا يأتيه الباطل من أي صوب، فضلاً عن أنه «ما يخرّش الميه» بحسب لسان إخوتنا المصريين!

* من هنا تكمن أهمية الدعوة إلى الحوار الوطني، الجامع لأهل الذكر والعلم والمعرفة، بشأن كلمة سواء تسعى إلى إخراج الوطن من النفق المظلم الذي تكابده الديرة سنوات عدة، لكن البلية أن التحديات الجسام التي تجابهنا لا تحتمل التسويف وإهدار الوقت، لا سيما أن الدعوة إلى الحوار الوطني تحولت هي الأخرى إلى موضوع خلاف وسجال، كما هو دأبنا العتيد بشأن كل بلية تحتاج إلى استجابة سريعة تنقذ ما يمكن إنقاذه بمنأى عن العنتريات الفارغة، الساعية إلى تسجيل المواقف الفئوية التي تخصها شخصياً دون غيرها من فئات المجتمع! الأمر الذي يشي بأن الشعار الذي تلعلع به كل فئه هو: «حشر مع الناس عيد»! ولعل مطالبة محققي وزارة الداخلية بزيادة رواتبهم أسوة بالقضاة خير دليل على ما ذهبت إليه!

فقد اهتبل المحققون الفرصة علهم ينجحون في ليّ ذراع الحكومة الرشيدة، لتحقيق مطالبهم التي قد تكون مشروعة، لكن توقيتها غير مناسب من جراء الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم كله، ويبدو أن كل فئة مرشحة لتحذو حذو المحققين في قادم الأيام!

* إن الحكومة الرشيدة في حالة «حيص بيص» لا تغبط عليها، ففي الوقت الذي تسعى فيه إلى إنقاذ الاقتصاد الوطني، الذي تناقشه لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة، تجد التكتلات النيابية تحاول حلب ضرع المال العام لتحقيق مكاسب شعبية انتخابية بدعوى أن قانون الإنقاذ يخص فئة الكبار الميسورين دون غيرهم من المواطنين.

وقد أحسنت اللجنة صنعاً حين استعانت بآراء خبراء المال والاقتصاد، وأصحاب القطاعات الاستثمارية، وغضت الطرف عن الهذر الذي يملأ الصحف كل يوم بدون هوادة.

وأخشى ما أخشاه هو: أن ترواح الأزمة في مكانها بدون حل... ساعتها قد تضطر الجهات المختصة بإدارة هذه الأزمة الخطيرة إلى التأسي بدعوة الأخ العقيد القذافي الساعية إلى توزيع عائدات النفط على الشعب سواسية، فتريح وتستريح!