في انتظارك يا سمو الأمير...
الأزمات الصعبة واللحظات القاسية لا يعالجها إلا القرارات الصعبة والإجراءات القاسية، ولا أحد ينكر بأن أزمتنا صعبة جدا وأن اليأس صار ضاربا في كل اتجاه، لذلك، فاليوم تتطلع أنظارنا جميعا إلى صاحب السمو أمير البلاد، وكلنا أمل ورجاء أن يتخذ كل ما من شأنه أن يوقف هذا التداعي والانهيار.
أخطر ما في الأزمة التي تمر بها بلادنا حاليا، بالإضافة إلى ضياع هيبة النظام والأسرة الحاكمة واستمراء التطاول على رئيس الحكومة ناهيك طبعا عن أعضاء الحكومة وزيرا وزيرا، وغياب المنطق والموضوعية بشكل مرعب عن أغلب، إن لم يكن كل، الأطروحات البرلمانية، وإدمان الجميع تعاطي الطائفية والفئوية والانجراف نحو صراعاتها الهامشية، كقصة المرجع الشيعي محمد الفالي المختلقة، على حساب الوطن وأهله، هو أن أغلب الناس، على اختلاف مستوياتهم وثقافاتهم، صار يشعر بأن لا أحد يملك حلا لما يجري، وأن الموضوع أشبه ما يكون بحالة سقوط بلا مظلة، وأنه لا حل إلا بمعجزة! هذا القنوط المريع، واليأس الضارب، الذي صرنا نراه في كل مكان من خلال أحاديث عوام الناس ونخبهم في الديوانيات والمنتديات، بل حتى من خلال تعليقات وتصريحات البقية الباقية من أصحاب الفكر والحس الوطني، ومن خلال كتابات الكتاب، بمن فيهم أولئك الذين لايزالون محافظين على رباطة جأشهم ولم ينجرفوا للرقص في هذا المولد الذي تقرع فيه طبول الطائفية والفئوية والشخصانية لتصم آذان من يرفعون شعار الوطن وتخرس ألسنتهم، أقول إن هذا القنوط واليأس انحدر بالبعض إلى مستوى التعلق بحلول وأفكار كانت في يوم من الأيام مرفوضة جملة وتفصيلا، كفكرة الحل غير الدستوري وتعليق الدستور لسنوات عدة يعاد فيها ترتيب شؤون البلاد، أو حتى فكرة استبدال البرلمان بمجلس شورى! بالأمس يحدثني أحدهم ممن كنت، ومازلت، أحسبهم على الحس الوطني، وعلى الإيمان بالديمقراطية، وعلى التفكير الموضوعي العلمي، ولا داعي لذكر اسمه لأنه لن يضيف شيئا للفكرة المقصودة، بأنه وصل إلى درجة الاعتقاد بأننا نسير في طريق انهيار الدولة، وأنه لا سبيل لإيقاف هذا النزيف المميت إلا بتجميد كل شيء والعودة إلى المربع رقم واحد، بطريقة تشبه العودة إلى حالة صياغة عقد اجتماعي جديد ما بين الحاكم والمحكوم. بالطبع هو لا يملك تصورا واضحا لما يريد، ولا ألومه على ذلك فحاله في ذلك حال الجميع، إلا أن المراد من ذكر المثال أن أبين... أين وصلنا؟!آخر يقول إنه لا حل إلا بقبضة حديدية تعيد الأمور إلى نصابها، وإن هدوء بال وسعة صدر سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد على مشاغبات المجلس التي انتزع من أغلبها ماء الحياء، واستئساد المتردية والنطيحة، حتى صار التلويح باستجواب رئيس الحكومة مبتذلا إلى حد التهتك، لا ينفع ولا يمكن أن يوقف هذا التدهور. صاحبنا هذا لا يمانع حتى في أن يكون المخلِّص المنتظر صاحب القبضة الحديدية الذي يعتقد بأنه سيعيد الانضباط إلى الأمور... هو ذاك الموسوم بأنه أبرز رموز الفساد... يقول لا مانع بأن يكون المخلِّص لصا أو فاسدا، ولكن لينقذ البلد وينقذنا من هذه المأساة!بالطبع لن نوافق على هذا الطرح، لأننا لانزال مؤمنين ومتمسكين بأن في ديمقراطيتنا الخير الكثير، ولانزال مؤمنين بأن تولي الشيخ ناصر المحمد لرئاسة الحكومة برحابة صدره ورغبته الصادقة بالإصلاح هي فرصة تاريخية للشعب الكويتي... كان يجب على ممثليهم في البرلمان أن يحسنوا التعامل معها لبناء علاقة مثلى ما بين السلطتين، ولكنهم أحرقوا كل شيء وللأسف. الأزمات الصعبة واللحظات القاسية لا يعالجها إلا القرارات الصعبة والإجراءات القاسية، ولا أحد ينكر بأن أزمتنا صعبة جدا وأن اليأس صار ضاربا في كل اتجاه، لذلك، فاليوم تتطلع أنظارنا جميعا إلى صاحب السمو أمير البلاد، وكلنا أمل ورجاء أن يتخذ كل ما من شأنه أن يوقف هذا التداعي والانهيار.