جارنا في صفحة زوايا الشاب النشيط والمعتد بنفسه وأحد المتفوقين في بعثته الدراسية ضاري الجطيلي، هو أحد الزملاء الذين يمثلون فخري بزمالتهم في صحيفة «الجريدة» التي أفتخر بوجوهها الشبابية المتعددة النشطة.

Ad

الزميل الجطيلي كتب أمس مقالا ثانياً حول اقتراح النائب مرزوق الغانم وزملائه بشأن ما أسماه الزميل بالقرض الحسن، وهو اسم جديد بعد اسمه الأول «القرض العادل».

ما أسعدني في صدر مقالته هو وصفه تمتعه بالعسل والطرب خلال اتصاله مع النائب الغانم الذي تكرم به عليه، لمناقشة اقتراحه وتبادل العتب كما ذكر... «هنيالك ياعم»... و«يا ماله العافية» العسل.

ولكن الجطيلي بعد ما خلص من العسل والطرب ودخل في صلب الموضوع، وضع نفسه بمنزلة هيئة للمسح والرصد، فقرر أن الحالة التجارية في البلد ممتازة لأنه كفرد وبعينه المجردة رصد المجمعات التجارية والمطاعم والمقاهي في الكويت مكتظة بالزبائن!!

ويكمل الزميل نتائج رصده ومسحه الذاتي فيقرر أنه لا توجد حركة «تفنيش» في المجتمع الكويتي، بينما الجهاز الحكومي للدولة ممثلاً في برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة (الجريدة عدد 25 يناير 2009) يقول: «إنه رصد خلال الأشهر الأخيرة قيام شركات ومؤسسات بإلغاء خدمات العديد من الشباب الكويتي».

ويسترسل الجطيلي في إعطاء معلومات دون سند عن أحوال الموظفين الحكوميين، متناسياً أن لدى النظام الإداري الوظيفي الحكومي الكويتي خصوصية فريدة، وهي ضمان تحويل الراتب إلى البنك، من دون أن تمكن الموظف من نقل راتبه إلى جهة أخرى إلا بموافقة خطية من البنك الذي يحول راتبه إليه، وبذلك لا يمكن قياس صافي المبلغ الذي يتسلمه الموظف الكويتي في الحكومة بشكل دقيق، لأن الجهة المصرفية تقوم بخصم ما تراه من مبالغ مستحقة عليه قبل تحويل راتبه إلى حسابه، وهم يمثلون 90 في المئة من القوى الوطنية العاملة كما يذكر الزميل.

والنقطة الأخرى التي لم أتمكن من فهمها للزميل، هي إقراره بأن الأموال التي قدمتها حكومة الولايات المتحدة للمواطن الأميركي كتخفيضات ضريبية في خطة التحفيز الاقتصادي هناك، لا يعتبرها الجطيلي أموالا «كاش» لأنها ضريبة، بينما هي في الكويت كذلك لأنها أموال نفطية!! وهنا نتساءل: أليست أموال الضرائب الأميركية ناتجة عن تصنيع مواد خام وثروات طبيعية وخيرات الأرض هناك، من ثَمَّ بيعها وتحقيق أرباح تستحق عليها ضرائب؟ فما الفرق؟

وينهي الزميل مقالته بضرورة إفادة المواطن عن طريق المشاريع التنموية، وليس عن الطريق «الكاش»... وهنا أود أن أطلع زميلي الجطيلي على مصير المشاريع التنموية الكبرى الكويتية، ففي نهاية عام 2005 تقريباً تقدمت الحكومة بمشروع قانون من ثلاثة محاور هي: إنشاء صندوق الكويت للتنمية الاجتماعية، وشركة الكويت للتنمية والإعمار، وشركة تنمية جزيرة بوبيان، باستثمار قيمته 2.7 مليار دينار وتوزيع أسهمه على المواطنين.

ماذا كان مصير هذا المشروع؟ لم يلقَ القبول عند «السلف» وكذلك التكتل «الشعبي» وبقية الكتل البرلمانية، وكان مآله أدراج لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بعد أن تسلمه رئيسها النائب أحمد باقر، وأسكنه مثواه الأخير هناك، ونسيان الحكومة (المشروع) وتجاهله من قبل وزير المالية في حينه بدر الحميضي بعد بضعة مؤتمرات صحافية لأغراض دعائية.

وذلك يؤكد أن المشروع لم يتجاوز كونه مناورةً حكومية لاحتواء الأصوات التي كانت تتساءل عن مصير الفوائض المالية التي كانت تتراكم منذ ارتفاع أسعار النفط، بدءاً من عام 1999 دون إنجازات تنموية أو تحديث جدي للبنية التحتية والخدمات.

أما حديث الزميل عن قيمة الدعم المقدم للمواطنين، فليسمح لي أن أقول له إن العديد من الصحف نشر مثل هذه الإحصاءات في السنتين الماضيتين لأسباب مختلفة، ولكن بعض المتخصصين يعتبرونها غير دقيقة لاعتبارات تتعلق بطريقة إحصاء المبالغ، والاعتمادات وتوزيعها على عدد المواطنين دون المقيمين الذين يشاركوننا في كل الخدمات المقدمة من الحكومة مما يجعل تلك الأرقام ليست صحيحة.

وأخيراً أنا أعلم أن الزميل الجطيلي لديه وجهة نظر يريد أن يدعمها ويشاركه فيها شريحة من الكويتيين، وأرى معه أن اجتهاد النائب الغانم فيه من المثالب التي لا تحقق العدالة، ولكنه جدير بالمناقشة، إن حيّدنا النوايا التي دعت إلى تقديمه، ولكن ما يطرحه الزميل الجطيلي يمثل تشدداً يزيد من التوتر المتنامي والمستجد بين الطبقات الاجتماعية في الكويت، والذي لا يمكن إغفال حدته في كل وسائل الإعلام والمنتديات العامة.

كما أن مواجهة هذا التوتر بالصد والتشدد سيستبعد إمكانية الوصول إلى الحد الأدنى الذي يحد منه، ويحقق الوفاق الوطني والتكافل الاجتماعي لمواجهة الأزمات الكبيرة التي يعانيها المجتمع حالياً، وهنا يصبح حديث «الجطيلي» عن حماية المال العام ليس ذا صلة بالموضوع في ظل المستجدات الحالية.

وكذلك فإن إقحام الأستاذ جاسم السعدون، وجعله المرجع الوحيد الذي يتم الركون إليه في قضايا البلد الاقتصادية، يفقد الحوار موضوعيته أيضاً وينهيه قبل أن يبدأ، وبذلك يبدو الزميل ومن يساندونه كأنهم منتخب الأحلام بينما من يخالفهم الرأي منتخب سريلانكا!