المشعان لـ الجريدة: من حق القاضي تشكيل لجنة محايدة للتحقيق الطبي ولا ولاية للزوج على جسد زوجته المريضة في مسألة التوقيع الخطأ الطبي يحدث بسبب الجهل أو الرعونة أو الإهمال

نشر في 20-06-2008 | 00:00
آخر تحديث 20-06-2008 | 00:00
No Image Caption

أكد استشاري الجراحة العامة في مستشفى الصباح د. محمد خالد المشعان أن الأخطاء الطبية التي تحدث في الكويت ليست بالأعداد الكبيرة، مشيراً إلى أنها لا تخرج عن المستوى العالمي، وإن كانت أقل بكثير من دول كثيرة.

قال استشاري الجراحة العامة في مستشفى الصباح د. محمد خالد المشعان، إن نسبة الأخطاء الطبية في الكويت تتغير من سنة إلى أخرى، وقال، إن هناك فرقا كبيرا بين المضاعفات الطبية والخطأ الطبي، ولا يتم تحديد الفرق بين المضاعفات والأخطاء الطبية إلا من خلال الطب الشرعي الذي يعد الذراع القانونية في تلك القضايا.

وأوضح أن الأخطاء الطبية ليست بالأعداد الكبيرة في الكويت، لكن عدم التفريق بين المضاعفات والأخطاء هو ما يوحي للناس أن هناك أخطاء طبية بشكل كبير، مشيرا إلى أن الأخطاء الطبية لا تخرج عن المستوى العالمي، وإن كانت أقل بكثير من دول كثيرة.

لكن كيف يحدث الخطأ الطبي؟ يجيب المشعان بالقول: اما أن يحدث عن جهل او رعونة او اهمال.

قد يكون الطبيب جاهلا أو مهملا بمعنى عدم حرصه على تشخيص المرض، والتأكد من ان كل ما يعمله يخضع للاساليب الطبية الصحيحة، مضيفا أن هناك وفيات تحدث بسبب سوء التشخيص أو أثناء العمليات أو بعدها.

وعن أكثر التخصصات التي تحدث الوفاة من خلالها، قال المشعان: العمليات الجراحية أكثر شيء، وتأتي بعدها جراحات النساء والولادة، لأنها جراحات يندرج تحتها التخدير والجراحة.

قصور في العلم

وقال، إن هناك اخطاء تكون نتيجة قصور في العلم، بحيث يتم التشخيص بشكل سليم، لكن العلم لم يتوصل إلى علاج شافٍ، وعلى سبيل المثال مرض الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي ليس لهما علاج حتى الآن، وهذه أخطاء لا يتحملها الطبيب بلا شك.

وعند سؤاله: هل تطبق الوزارة برنامجا محددا للوقاية من الأخطاء الطبية، قال د. محمد المشعان: كنت اتمنى ان تستقر الوزارة، وان يكون لها برنامج واستراتيجية واضحة لمعالجة هذا الامر، لكن، وبكل أسف، فإن وضع الوزارة غير مستقر ولا أحد ينتبه لهذا الموضوع، وكل ما يحصل تحقيق يُطوى وتعويض مادي على الوزارة أو على الطبيب.

وأشار إلى عدم اعتقاده بحبس الطبيب، لأن الخطأ غير مقصود، لكن قد يحدث غرامة أو إقالة الطبيب إذا ثبت أن الخطأ بسبب إهمال منه.

وقال المشعان: إذا كان خطأ مرفقيا (كأن تنقطع الكهرباء أثناء عملية جراحية مثلا)، فهنا الخطأ تتحمله الوزارة، وإن كان خطأ طبيا يتحمله الطبيب.

وأوضح أن دراسة الخطأ الطبي يأخذ جهتين: الأولى أن تشكل وزارة الصحة لجنة من عندها للتحقيق في الأمر، ومن ثم من حق المريض أو ذويه اللجوء إلى القضاء، والقاضي يحيل الدعوى الى الطب الشرعي الذي له حق الاطلاع على جميع ما يأتي في القضية.

وحينما يذهب التقرير إلى القاضي، ويرى أن التقرير غير مجدٍ من حقه أن يطلب تشكيل لجنة من كلية الطب ووزارة الصحة واستشاريين لدراسة القضية. والقضية تعتمد على الطب الشرعي، مشيرا إلى أن الوزارة تشكل لجنة من عندها لمعرفة المتسبب في الخطأ.

وشدد المشعان على حق المريض في التقاضي أمام المحاكم، مضيفا أن القضاء حينما يجرِّم الوزارة، فالأخيرة مرغمة على تشكيل لجنة لإجراء تحقيق بعد تنفيذ الحكم حتى يتبين إذا ما كان الخطأ مرفقيا أم اداريا. وفي سؤاله عن طلب الطبيب توقيع المريض أو أحد ذويه قبل إجراء العملية، قال: إن ذلك يعد قصورا في التشريع، فالزوج «ما له شغل» ولا ولاية للزوج على جسد زوجته المريضة.

مضيفا أن قانون مزاولة المهن الطبية قديم وصادر منذ نحو 30 سنة ويجب تعديله.

وأوضح المشعان، ان الخطأ الطبي من الناحية القانونية هو بسبب التقصير أو الجهل بالقواعد العامة للطب التي يقع فيها الطبيب في حين لا يقع فيها امثاله من الاطباء المختصين الحريصين على الأداء السليم.

وقال، ان الأخطاء الطبية في حقيقة الأمر، تعتبر حوادث مزعجة ومقلقة للجهاز الطبي على الرغم من قلة حدوثها، لكنها متى ما وقعت فإن صداها يتعدى حدود مكان حدوثها وتتسرب اخبارها الى محيط المجتمع، مما ينعكس سلبا على جوهر الخدمات المقدمة لهذا المجتمع، خصوصا اذا وقعت في مجتمع مترابط كما هو الحال في المجتمع الكويتي.

وقال د. محمد خالد المشعان، ان الأخطاء الطبية تنقسم الى:

أ- الخطأ المرفقي: وهو الخطأ الذي يتسبب فيه المرفق العام (مستشفى حكومي، مستشفى خاص، عيادة خاصة)، فعلى سبيل المثال ما يخص اجهزة او ادوية مهمة وحيوية يفترض توافرها في كل مرفق صحي، كما في حالة توفير عناية مركزة تحتوي على جميع الأجهزة الأساسية وتوفير الجهاز البشري القائم على ادارتها وتشغيلها في اي مستشفى توجد به غرف عمليات.

ب -الخطأ الشخصي: هو الخطأ الفعلي والثابت باليقين الذي يحدث من طبيب او جهاز طبي مساند لأمر معين، ففي حالة الطبيب يعتبر خطؤه هو الفعل الذي ينتج عن اهمال في تشخيص او علاج لمريض بسبب الجهل بالأمور الفنية الواجب معرفتها في مثل درجته العلمية والوظيفية، مما يترتب عليه ضرر بالمريض، او ان كان الطبيب قد اجرى تجارب او أبحاثا علمية على المرضى غير معتمدة فنياً وتسبب لهم الضرر (وهذا ما نصت عليه المادة 13 من القانون 25 لسنة 1981م).

مشيرا إلى أن الخطأ المرفقي تقع مسؤوليته على الدولة والمال العام بخلاف المسؤولية المقررة في القانون المدني بالنسبة للمتبوع عن اعمال تابعة، إذ تقع المسؤولية اصلا على التابع ولا يسأل المتبوع الا تبعا لمسؤولية التابع، وفي حالة قيام المتبوع بدفع التعويض فإنه يرجع على التابع المخطئ لما دفعه عنه.

وعن انواع الاخطاء الطبية الشخصية يقول المشعان: هناك الخطأ العلمي، فقد يأخذ الطبيب من جانبه كل أنواع الحيطة ويكون في منتهى الحذر، ولا يفوته الاستفادة من جميع الوسائل العلمية الممكنة في الفحص، ومع ذلك فهذا لا يمنعه من الوقوع في الخطأ خصوصا في التشخيص.

وهنا يكون الخطأ ناتجا عن خطأ علمي، ولا يستطيع شخص الادعاء بأن العلوم الطبية، على قدر بلوغها حدا كبيرا من التقدم والتطور في هذا العصر، قد بلغت درجة الكمال، لهذا لايزال الأطباء يختلفون في التقدير والحكم، فالعلوم الطبية مليئة بالمسائل التي لاتزال محل خلاف بين علماء الطب، ولا يرتكب الطبيب خطأ ان اخذ برأي دون آخر، وكثيراً ما تتشابه الاعراض المرضية وتختلط وتختفي الحقيقة عن أكثر الأطباء خبرة وأوسعهم دراية، فلا مسؤولية على الطبيب اذا لم يصادفه التوفيق في التشخيص في تحري اصول فنه ما دام قد راعى الضمير والشرف في تشخيصه للمرض. فضعف الانسان له اعتباراته ويجب مراعاته وإلا وقعنا في حرج كبير.

وأوضح أن ما سبق لا يعني ان كل غلط علمي في التشخيص يغتفر للطبيب، فقول كهذا يتنافى مع التزام الطبيب بأن يبذل للمريض جهودا صادقة متفقة، في غير الاحوال الاستثنائية، مع الأصول العلمية الثابتة التي يتحتم على كل طبيب الإلمام بها.

فالطبيب الذي لا يكتشف كسر في رأس عظمة الفخذ الذي اجريت له صورة أشعة سينية وكان الكسر واضحا، فإن ذلك يدل على جهل بقراءة الطبيب للصور الإشعاعية العظمية، وهذا الجهل لا يغتفر خصوصا من طبيب متخصص.

الخطأ العلمي

إن خطأ الطبيب في الوضع العلمي يجب ان يثبت بصورة أكيدة وواضحة بمخالفة السلوك الطبي المعروف والموثق، وذلك عن طريق الجهل او التهاون مقارنة بأصول المهنة الطبية والقواعد العلمية الثابتة التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف.

28 قضية مرفوعة على «الصحة» العام الماضي

قال رئيس قسم التحقيقات في وزارة الصحة محمود عبدالهادي، إن عدد القضايا المرفوعة على وزارة الصحة بلغ 28 قضية في عام 2007، وأضاف أن أكثر التخصصات التي يحدث فيها أخطاء طبية للمريض هي الجراحة العامة والولادة، وأوضح ان القضايا المرفوعة ضد الوزارة تندرج تحت القضايا المدنية التي غالبا ما تطول مدة البت فيها، وأوضح أن %90 من تلك القضايا المرفوعة ضد الوزارة لم يُبَت فيها، وهناك أحكام كانت مرفوعة على الوزارة وكسبتها الوزارة بعد استئنافها، وقال، إن عدد القضايا التي خسرتها الوزارة خلال العام الماضي قضيتان فقط، مشيرا إلى أن الخسائر في القضايا المرفوعة ضد وزارة الصحة لا يتجاوز الـ%10.

وأوضح عبدالهادي لـ«الجريدة» أن هناك دعاوى كثيرة يرفعها المواطن على الطبيب لإحساسه بأنه لم يحصل على خدماته الطبية.

وعن الطريقة التي تسلكها الوزارة في حال تم تقديم شكوى من قِبل المرضى ضد الوزارة، قال، إنه في هذه الحالة يتم تشكيل لجنة في المنطقة الصحية التي حدث فيها الخطأ الطبي، وبعد ذلك يتم تشكيل لجنة في الوزارة، وتكون لجنة محايدة من خارج الوزارة بعضوية أطباء من كلية الكب وأساتذة قانون، وتكون برئاسة د. إبراهيم العبدالهادي الوكيل المساعد للخدمات في الوزارة، لأننا لا نستهين بأرواح الناس، وأوضح ان قرارات اللجنة في حال إدانة الطبيب قد يصل العقاب إلى الفصل.

وفي سؤال لـ«الجريدة» عن توقيع الأطباء على إقرار من ذوي المريض، قال عبدالهادي، إن ذلك إجراء متبع في جميع أنحاء العالم، ويسمى الإقرار المستنير، ومن المفترض أن يوقع عليه المريض بنفسه إلا إذا كان فاقدا للوعي أو الأهلية فيحق للأب أو الجد أو الأخ أو العم أو الزوج للتوقيع نيابة عنه، وقال، إن ذلك أوجبه القانون 25/81 وهو قانون مزاولة مهنة الطب.

وأوضح أن ذلك يتم بناءً على اتفاقيات بين الكويت ومنظمة الصحة العالمية، وهي من حقوق المريض.

كتب طبية

د. محمد خالد المشعان يعد الطبيب العربي الوحيد الذي تحدث عن موضوع الأخطاء الطبية، وذلك في كتاب أصدره عام 2003، وتحدث فيه عن القانون والاخلاق والمسؤولية في مهنة الطب، كما أصدر حديثا كتابا جديدا بعنوان «الطبيب أخلاق ومسؤولية».

back to top