ما قل ودل: التقاعد المبكر والخصخصة
![المستشار شفيق إمام](https://www.aljarida.com/uploads/authors/67_1682522878.jpg)
أولاً: أن التقاعد المبكر يتعارض مع سياسة «تكويت» الوظائف، ومع اعتماد القطاع الخاص على العمالة الوافدة، بما ينعكس سلباً على هذه السياسة وعلى التركيبة السكانية. ثانياً: أن المزايا الواردة بنظام التأمينات الاجتماعية في الكويت تفوق كثيراً أي مزايا تقررها أسخى النظم الاجتماعية في العالم، سواء من حيث أسباب استحقاق المعاش أو من حيث مقداره، أو المدة اللازمة لاستحقاقه، أو التقاعد المبكر. ثالثاً: أن تمويل نظام التأمينات الاجتماعية في الكويت يتم في جانب كبير منه من مساهمة الدولة من ميزانيتها العامة، ولا يقتصر هذا التمويل على اشتراكات المؤمن عليهم أو أصحاب الأعمال بعكس الدول الأخرى فإن المساهمة المالية للدولة في نظم التأمينات الاجتماعية مساهمة محدودة.كما أن مساهمة الدولة المحدودة في الدول الأخرى، إنما تعتمد في مصادرها على الضرائب التي تفرضها هذه الدول على الدخل ورأس المال والأنشطة المختلفة بها، ومن بينها ضريبة كسب العمل التي تفرض على مواطنيها والمقيمين بها، وهي ضريبة كبيرة، بحيث تعود حصيلة هذه الضريبة التي تجبيها الدول من العمـال عليهم في أنظمة التأمينات الاجتماعية وغيرها، وهو أمر لا يتوافر في دولة الكويت حيث لا وجود فيها لضريبة كسب عمل أو نظام ضريبي متكامل بوجه عام. رابعاً: أن أعمار التقاعد في نظام التأمينات الاجتماعية تقل كثيراً عن أعمار التقاعد في دول العالم كافة.ولا تخفى التداعيات الاجتماعية السلبية على التقاعد المبكر، ومن بينها: 1- ازدياد مشكلة البطالة، فأصحاب المعاشات التقاعدية، سوف يجدون أنفسهم بعد فترة قصيرة في دوامة الحياة ومتطلباتها الكثيرة وسنجدهم يبحثون عن عمل أو وظيفة يتكسبون منها ويشغلون بها وقتهم وبالتالي سيزاحمون الشباب اليائس من الحصول على فرص عمل. 2- أن تشجيع بعض العاملين على التقاعد المبكر بمنحهم مزايا مالية وضم مدد اعتبارية لهم تؤهلهم لاستحقاق المعاش، إذا لم يرغبوا في الاستمرار بالعمل، سوف يؤثر سلباً على التنمية، إذا كان العامل من ذوي الحرف أو المهن والخبرات والمهارات التي اكتسبها نتاج سنوات من التعب والجهد، ولا يستطيع المشروع العام الذي تمت خصخصته تعويضه بعامل آخر، فالمهارة لا تكتسب بين يوم وليله. 3- انخفاض القوة الشرائية بما يؤدي إلى انكماش في الاقتصاد بسبب غياب شريحة من المجتمع عن سوق العمل، وتناقص دخلها بسبب الثابت النسبي لقيمة المعاشات، والارتفاع المضطرد في الأسعار مع التضخم. 4- أن التقاعد المبكر سوف يصاحبه زيادة معدلات الجريمة، لإحساس أفراد هذه الفئة خارج سوق العمل بالاحباط وعدم الأهمية لفقدان دورهم في المجتمع، وشعور الفرد بعدم أهميته داخل أسرته وبين أبنائه، لارتباط المكانة الاجتماعية للإنسان بعمله وبمقدرته على الإنفاق، مما يدفع البعض إلى ارتكاب جرائم.