وأخيرا تحرك نائب في مجلس الأمة وهوالدكتور حسن جوهر ليسلط الضوء على قضية خطيرة ألا وهي (الدكاكين التعليمية) في الخارج كما سماها، والتي تمنح شهادات الهندسة لطلبة الدبلوم خلال 9 أشهر فقط. وهذه الظاهرة بالتحديد هي في الواقع جزء من مشكلة كبيرة، وهي الحصول على الشهادات بثمن بخس في دول أخرى أيضا.
فكيف يتساوى المهندس الذي «انحك حك» في جامعة الكويت وجامعات أجنبية عالية المستوى مع من يحصل على شهادة الهندسة خلال تسعة أشهر فقط بعد الدبلوم، مع أن المتعارف عليه أن يقضي صاحب شهادة الدبلوم سنتين ونصف السنة على الأقل في الجامعة حتى يحصل على البكالوريوس؟! والمصيبة الكبرى هي أن مثل هؤلاء -بسبب حصولهم على شهادة الهندسة بهذه الطريقة- سيفتح لهم الطريق للترقيات والوصول إلى مناصب عليا هم ليسوا أهلا لها في ظل المحسوبيات في نظام الترقيات. وبذلك ستزداد ظاهرة «الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب» التي بدورها ستؤدي إلى زيادة الفساد في أروقة الدولة. والمصيبة أن من تحرك لإصدار مثل هذا القرار هو الدكتور علي العمير «الأكاديمي قبل أن يكون نائبا» من أجل التكسب الانتخابي، خصوصا أن مثل هذا القرار يلقى رواجا بين الفاشلين دراسيا الذين يريدون أن يحصلوا على شهادات البكالوريوس (بالسخته) ومن دون أن يبذلوا أي مجهود يذكر.والمصيبة الأخرى أن مثل هذه الظاهرة لا تحدث في بريطانيا فحسب بل في دول أوروبية أخرى تبيع الشهادات بأرخص الأثمان، وكان أحد مشتري هذه الشهادات نائبا سابقا في مجلس 2003، كما تحدث في بعض الدول العربية التي بلغ عدد الطلبة الكويتيين الدارسين فيها الآلاف حيث يتم استغلال تدني رواتب أساتذة الجامعات في هذه الدول لشراء الدرجات والامتحانات وبالتالي شراء الشهادات تحت سمع ونظر وزارة التعليم العالي التي تعرف (البير وغطاه). لا نريد أن نظلم جميع الدارسين في هذه الدول العربية، فمنهم طلبة حصلوا على شهاداتهم بعرق جبينهم، لكن الحقيقة المُرة تقول إن الأغلبية العظمى من الطلبة هم ممن تنطبق عليهم الحالة الأولى. ويكفي أن تقرؤوا في الصحف عناوين رسالات الماجستير لبعض هؤلاء الطلبة لتنفجروا ضحكا على مدى سخافة تلك الرسالات، ولتدركوا إلى أي مدى تدنى مستوى المعايير اللازمة للحصول على الشهادات عندنا في الكويت. وإن كان الدكتور حسن جوهر هو أول نائب يثير هذا الموضوع الخطير نيابيا، فإن الشكر يجب أن يسجل للزميل سعود العنزي الذي كان أول صحفي يسلط الضوء عليه من خلال تقريرين ومقال في فبراير ومارس ومايو الماضيين. والكرة الآن في ملعب وزيرة التربية لتضع حدا لهذه المهزلة التعليمية وإلا فإن المواجهة ستكون قادمة في مجلس الأمة خصوصاً مع وجود مهازل تعليمية أخرى في البلد.
مقالات
العنزي وجوهر علّقا الجرس
12-06-2008